وتستطيع تحقيق اهدافها خير وافضل من علوم الانبياء عليهم السلام لانهم ببساطة شديدة
رسل من خالق النفس العالم بحالها وما يصلحها وما يصلح لها ومع هذا فانا نعلم كلنا ان امة
من البشر تعامل معهم الانبياء ومع هذا كانوا غاية في الانفلات والتمرد وعدم الانضباط
فان قيل: ان البرمجة تفيد وتعطي النتائج مع من يقبل بها ويقتنع بها اما اولئك فقد رفضوا الدعوة
من اساسها قلنا يفنده الحقيقة الثانية وهي:
2:ان الذين اقتنعوا وامنوا بالدعوة وعزموا على التزامها ليسوا كلهم يستطيعون الوصول الى اهدافهم
بل منهم امة كثيرة تضعف وتعصي بل تكفر يوما ما:وهذا هو معتقد السلف الصالح في القدر وانه تعالى يحول بين المرء وقلبه
واذا كان كذلك فان التوصل الى هندسة النفس البشرية بهذه الصورة التي يروج لها اصحاب الهندسة النفسيةفيه مبالغة.
واما المحور الثاني: وهو القدرة والتمكن , فاحب ان اشير اشارة عابرة الى امر قد يخفى على البعض , الا وهو
ان كثير من العقائد المخالفة للسنة التي تبنتها فرق من اهل البدع سواء كانت منالفرق المندثرة ام التي مازالت حية هي في الاصل انطباعات نفسية وتصورات عقلية رتب عليها اصحابها تصورات اكثرتعقيدا عن الوجود اوعن الرب تعالى اوعن النفس الانسانية.
وبدون توسع في هذا المجال اذكر مثلا ان عقائد المعتزلة القدرية في باب القدرة مبني على تصور فاسد كان له اثر بارز في تكوين معتقدهم في باب القدر. وهذا التصور هو ان العبد اذا كان له قدرة وتوفر لديه الارادة والاقتناع التام بما يريد فانه لابد ان يصل الى هدفه. ويقول الفخر الرازي مصورا هذه العقيدة في جملة واحدة
: ان افعالنا يجب وقوعها على وفق دواعينا) (كتاب القدر 226)
وانت تلمح بجلاء ان تعريفات اصحاب علم البرمجة هذا بل وشروحاتهم
لتعريفهم وامثلتهم يظهر فيها وبقوة الربط بين ارادة الانسان وقدرته وبين حصول اهدافه
كما تقدم قول بعضهم عن البرمجة:
(وكذلك تمدنا بوسائل وطرق يمكن بها احداث التغيير المطلوب في سلوك الانسان وقدرته على تحقيق اهدافه)
, وهذا نفس الملحظ الذي بنى عليه المعتزلة القدرية مذهبهم في باب القدر وهو امر نفسي ليس شرطا ان يعلنه الممارسون لهذا العلم كمعتقد.
فالعقيدة القدرية لدى واضعي علم البرمجة وهم نصارى على الاغلب: تقول ان افعال الانسان اسباب تامة في نتائجها: بمعنى بمعنى ان أي خلل في حصول النتائج المرغوبة يعزي بالدرجة الاولى الى خطا بشري او خطا في البرمجة , وان الحل في تصحيح هذا الخلل يرجع الى قدرة الانسان وارادتة وهذا وان اصح في جزء من واقع الانسان فانه لا يصح في اجزاء اخرى لانا نعلم ان من عقيدة اهل السنة ان العبد لا يخلق فعله وانه مكلف فقط بالتسبب لحصول النتائج ويبقى حصول النتيجة مرهونا بقدرة الله تعلى وارادته
ولقد لمحت اثناء قراءاتي لمقالات بعض الذين كتبوا في هذا العلم ظهور الاتجاه القدري البدعي في هذا العلم حتى مع الصيحات التي صاحها بعض المنادين بهذا العلم مقررين انهم يؤمنون بان كل شيء بقدر وانهم يقولون مع علمهم هذا بانه لابد من مشيئة الله في تحقق النتائج و .. و ... و .. إلى آخر ما ذكروا وهو لا ينفع في هذا المجال لآكثر من سبب.
منها: ــ أنا مع احترامنا لصدقهم نقول انهم ليسوا وحدهم الذين ينشرون هذا العلم بل يشترك معهم الوف من الكفار ومن المسلمين الذين لا يعلمون عن الإسلام غير اسمه وان هؤلاء هم الكثرة الكاثرة وكل هؤلاء لا عبرة عندهم بما يعتقده المؤمنون في باب القدر.
ومنها: ــ أن العبرة بالسلوك التعليمي لهذا العلم فأكثر الممارسين للأسف ليس لديهم التخصص الدقيق في مسائل فكرية تمس هذا الجانب فانه من المعلوم لدى المتخصصين أن العلوم الإنسانية والروحية امتدت لها أيدي الفلاسفة كثيرا وتعمقوا فيها بدرجة كبيرة بل ان كثيرا من الكتابات المعاصرة ما هي الا اقتباسات او شروح او تتميم لدراسات سابقة للفلاسفة والمنتسبين للإسلام أو غيرهم وان هذه العلوم الإنسانية المعاصرة حسنت عبارة الأقدمين أو غيرتها فيأخذها المتعلم في هذا العصر كعلم فذ وهو لا يدري لعلها بعض البدع التي رد عليها أهل السنة قديما.
¥