خصوصا في باب الإرادة والقدر فإن للفلاسفة ومن تأثر بهم من القدرية والباطنية مباحث غاية في الدقة والخطورة مبثوثة في المذاهب الغربية المعاصرة، ومفكروا الغرب استفادوا وتأثروا كثيرا بهذه المباحث وطوروها ونشروها كدراسات نفسية وروحية، ومن هذه الدراسات ـ أقول لعله ـ تسربت الأفكار المخالفة لهذا العلم الذي نتحدث عنه.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[15 - 02 - 06, 08:55 ص]ـ
ثم يذكر المؤلف المآخذ الشرعية على هذا العلم ويقسمها إلى: ـ
1.خطوط عامة
2.مآخذ على الأهداف
3. على الوسائل
4.على المقولات والقواعد
..
ننقل لكم بداية (خطوط عامة) ..
..
وسامحونا إن كانت هناك أخطاء فقد كلفت أهلي ـ غفر الله لهم ـ بالطباعة من الكتاب وهم مبتدئون ..
.. قال المؤلف: ـ
أولا: مأخذ منهجي يتعلق بالتلقي والإتباع:
أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بكل صلاح للبشرية جمعاء وانزل معه
الكتاب والحكمة كما قال تعالى ممتنا على المؤمنين (لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم
رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
فالكتاب هو القران الكريم , والحكمة هي السنة النبوية فالله تعالى امتن علينا بهذه النعمة العظيمة , فأرسل لنا رسولا يبلغنا دين الله وهذه هي التلاوة ويعلمنا تفاصيل الشرع وهذا هو تعليم الكتاب والحكمة ويربينا تربية نفسية وجسدية وعلمية دينيه ودنيوية وهذه هي التزكية , وهذه التزكية شاملة هدفها بناء النفس المسلمة وتصحيح سلوكها كما قال تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها
وقد اشتملت هذه الأصول الشرعية على كل ما يحتاجه المسلمون من الأصول العلمية والمنهجية التي تكون الخطوط العرضية للمشروع الحضاري الكبير هذا المشروع الذي عرف التاريخ نتائجه ونجاحاته الباهرة في فترات معينة كما في الأندلس مثلا وانما ضربتها مثلا دون غيرها لبيان ان هذا المنهج لايقف عائقا ابدا في طريق الابداع والتطوير والارتقاء الدنيوي المادي مادام نفعه اكبر من ضره ومادام لايتعارض مع عقيدة الاسلام وشرائعة.
واذا كان كذلك فان من المعلوم عند اهل العلم من السلف والخلف ان أي محاولة للتقليل من اهمية اصل التلقي والاتباع والتزكية او تحييده او الاشراك به يعد كبيرة لاتغتفر بل هي معدودة من امارات النفاق الاعتقادي
فان من واجب المؤمن الحفاظ وبقوة على مكانة وصدارة الكتاب والسنة والاصول الاسلامية الكبرى ومن اهمها طريقة السلف ومنهج السلف في تمكين هذا الاصل مع فتح المجال للابداع والابتكار والتطوير دون ان يحدث بينهما تقاطع البتة.
ومن المهم ايضا استفراغ الوسع والجهد في ما جاء عنه (صلى الله عليه وسلم) في كل باب خصوصا في باب التزكية والتربية واستخلاص المنهج النبوي واعمل به وتمكينه في حياتنا , فانه اكمل المناهج وافضلها واحسنها , وما حصل في المسلمين من التخلف والانحطاط الا بسبب تفريطهم فيما جاء به النبي (صلى الله عليه وسلم) وابتغائهم الهدى في غيره اما كليا واما جزئيا قال شارح الطحاوية: (فكل من طلب ان يحكم في شيء من امر الدين غير ماجاء به الرسول ويظن ان ذلك حسن وان ذلك جمع بين ماجاء به الرسول وبين ما يخالفه فله نصيب من ذلك بل ما جاء به الرسول كاف كامل يدخل فيه كل حق وانما وقع التقصير من كثير من المنتسبين اليه فلم يعلم ما جاء به الرسول في كثير من الامور الكلامية الاعتقادية , ولا في كثير من الاحوال العبادية ولا في كثير من الامارة السياسية , او نسبوا الى شريعة الرسول بظنهم وتقليدهم ما ليس منها , واخرجوا عنها كثيرا مما هو منها.
فبسبب جهل هؤلاء وضلالهم وبسبب عدوان اولئك وجهلهم ونفاقهم كثر النفاق ودرس كثير من علم الرسالة.
بل انما يكون البحث التام والنظر القوي والاجتهاد الكامل فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
ليعلم ويعمل به ظاهرا وباطنا فيكون قد تلي حق تلاوته وان لايهمل منه شيء).
¥