ومن المهم هنا ان نبين ان هذا الكلام لايعني ان التمسك بهذا المنهج يعني البحث في كل مجال علمي يراد الابتكار فيه عن اصول علمية في الكتاب والسنة وحياة السلف , كلآ بل هذا هو الخطأ الذي وقع فيه من من حاول تنزيل نصوص الكتاب والسنة على بعض الحقائق أو النظريات العلمية بتكلف وتأويل بل وتحريف يثير السخرية.
بل المراد ان يكون الباحث والدارس يمارس عمله بكل حرية لكن في أطار عام يقنن هذا البحث , ويمكن اجماله في نقاط:
1.ان لايكون مجاله بحثه ودراسته وتجربته في قضايا حسمها الوحي , الامن باب تأكيد المؤكد كما قال أبراهيم عليه السلام: (ولكن ليطمئن قلبى)
2.ان لايؤدي الآخذ بنتيجة معينة في بحث ما أو دراسة ما الى ابطال حقائق شرعية أو التملص من احكام شرعية جاء بها الكتاب والسنة
3.أن لايكون في بحثه منهجيا أو جزئيا منتهكا لنصوص شرعية بأمر أو نهي
4. أن لا نصوغ مبادئ بعبارات ومقولات أعم من الأهداف المشروعة، بحيث يمكن أن تتسع لمعان وأهداف باطلة تُضمن فيها مع مرور الزمن إما جهلا وإما عمدا.
..
أ. هـ ,,
ثم يتابع المؤلف قائلا: ـ
2. مسألة بناء التوافق:
هذا العلم في أصله علم يصلح لطلاب الدنيا , في الأقتصاد والتجارة والسياسة , خصوصا لغير المسلم ممن لايهمه مراعاة أصول أسلامية في الشرع وفي الأداب كذلك. ومن عجائب هذا العلم التي ينقلها لنا المتهوكون فيه: مسألة بناء التوافق. من الضروري القناعة بأن أيجاد جو من الألفة والتوافق بين المرسل والمستقبل أمر مهم للوصول ألى نتائج أيجابية من الأتصال.
لكن يجب أن نعلم أيضا أن المؤمن يصل في هذا الأمر ألى حدود لايتعداها ,
وهذه الحدود سواء كانت من قبيل الحلال والحرام أومن قبيل الأدب الشرعي الأسلامي الذي يتميز به المسلم فأنه لاينبغي أن يطلق الأمر هكذا كما هو عند المبرمجين.
ومن الملاحظ على ما يذكره اصحاب البرمجة اللغوية في مسألة بناء التوافق:
أولا: أنه هكذا بأطلاق يصبح تدريبا على النفاق والمداهنة , فأن الواجب أولا أن يذكر الهدف من هذا التوافق , فأن كان هدفا نبيلا مثل الدعوة إلى الله تعالى
أو أصلاح ذات البين: فيمكن أن يقبل شيء مما يذكر أماأن يكون الهدف تملق مسؤول للحصول على وظيفة أو صفقة أو مكسب تافه فأن المؤمن يربأ بنفسه عن مثل هذه التصرفات.
ثانيا: الطرق التي يذكرها الفقي والتكريتي في وسائل خلق الألفة وأيجاد التوافق مسائل غاية في السخف والتفاهة تماما كما هي البيئة التي صدر منها هذا العلم , خذ مثلا مسألة التوافق في التنفس أو الحرص على مشاكلة المتلقي في لباسه أوحركاته , حتى لوكانت عادته أن ينظف أنفه بكثرة بأصبعه فأن من السائغ عندهم أن تفعل مثله
لتخلق جوا من الألفة والتوافق.
أن الأسلام النقي الراقي بكل مافيه من تعاليم وآداب شرع لنا من وسائل التوافق وبناء الانسجام مالاتعرفه الرأسمالية الغربية.
فعندنا على سبيل التمثيل فقط: التبسم , الكلمة الطيبة , العفو , التكافل ,
بذل المعروف , مقابلة الأساءة بالأحسان: وغير هذا كثير حتى أن الله تعالى ذكر مقدار ماتؤثر فقال في مقابلة الأساءة بالأحسان فقال: (ادفع بالتي هى أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) هكذا: من عدوالى ولى حميم: ليس ظاهريا نفاقيا كما تعلمنا البرمجة بل حقيقا وواقعا , فماذا فعل عفوه صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة؟ لقد كان مسلمة الفتح من خير أهل الأسلام في زمن متأخر , والجميع يعلم أنهم لم يرتدوا بعده (صلى الله عليه وسلم) بل ثبتوا على الأسلام وكان لبعضهم مواقف مشهودة في أيام محنة الأسلام كسهيل عمرو وأبي سفيان وغيرهما (رضي الله عن الجميع.
فهذا كله تركه أهل الأسلام في عصرنا ولجؤو الى سخافات الكفار ونفاقهم فبئس الملجأ , وصدق الله تعالى: (أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير)
ثالثا: ما قلناه من أهمية خلق جو الألفة وبناء التوافق مع أهميتة خصوصا في أهداف سامية كالدعوة الى (الله تعالى) مشروط بأن لايكون ذلك على حساب انتهاك الحرمات والسكوت عن المنكر , فلا يجوز الجلوس في أماكن اللهو والمنكر أو أقرار مرتكب المحرم اثناء الفعل على فعله بغرض استمالة قلبه أو خلق جو الألفة فأن هذا خط أحمر لايجوز تجاوزه , قال الله تعالى: (وقد نزّل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم اذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا)
وقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر فأما زوال المنكر وأما القيام من المجلس.
وما يذكره أصحاب البرمجة يفتقر ألى ذكر مثل هذا القيد الشرعي , ونخشى أنه مع تغلغل هذا العلم في صفوف وعقول الناس أن تطغى مبادئه وأصوله على أصول الشرع واحكامه المحكمة , بل هذا حاصل فعلا , فكم من أهل الصلاح من يجالسون اصحاب المنكر دون أنكار أو هجر لمجالسهم فأذا سألتهم برروا هذا بخلق جو الألفة واستمالة قلوب العصاة للدين , وهذا مخالف للسنة صراحة وهو أمر لا يقبل فيه تمحل أو تأويل , اللهم في مسائل معدوعة لاتعتبر قاعدة يبنى عليها.
...
¥