وقال: وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم، إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم، وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة فإذا تفرد أحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به، كما قال أحمد بن حنبل: ابن أبي ليلى لا يحتج به، إنما عنى إذا تفرد بالشئ، وأشد ما يكون هذا لم يحفظ الإسناد فزاد في الإسناد أو نقص أو غير الإسناد أو جاء بما يتغير فيه المعنى (1).
قلت: من تكلم فيه من جهة حفظه غالباً لا ينزلون عن درجة الاعتبار، وكلما اشتد ضعف الراوي في ضبطه احتاج إلى متابعة قوية، إلا إن جرح في عدالته فلا يعتبر به.
والثاني: المرسل، فإنه يحتمل أن يكون الساقط من سنده ويحتمل أن يكون ضعيفاً.
قال الشافعي: المنقطع مختلف؛ فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التابعين، فحدث حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتبر عليه بأمور:
منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمثل معنى ما روي كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه.
وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك. ويعتبر عليه بأن ينظر: هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الي قبل عنهم؟
فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى له مرسله، وهي أضعف من الأولى. وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قولاً له، فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح، إن شاء الله.
وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولاً ولا مرغوباً عن الرواية عنه، فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه.
ويكون إذا شرك أحداً من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه.
ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه، حتى لا يسع أحداً منهم قبول مرسله. وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله.
ولا نسطتيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل، وذلك أن معنى المنقطع يحتمل أن يكون حمل عمّن يرغب عن الرواية عنها إذا سمي، وأن بعض المنقطعات ـ وإن وافقه مرسل مثله ـ فقد يحتمل أن يكون مخرجها واحداً من حيث لم سمي لم يقبل، وإن قول بعض أصحاب صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قال برأيه لو وافقه يدل على صحته مخرج الحديث، دلالة إذا نظر فيها ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي يوافقه، ويحتمل مثل هذا فيمن وافقه من بعض الفقهاء.
(1) العلل الصغير (746).
فأما من بعد كبار التابعين الذين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا أعلم منهم واحداً يقبل مرسله لأمور:
أحدها: أنهم أشد تجوزاً فيمن يروون عنه.
والآخر: كثرة الإحالة، كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه (1).
قال: ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين، بدلائل ظاهرة فيها (2). انتهى كلامه رحمه الله.
ومن الأخبار ما يطرح ولا يتقوى؛ كرواية الكذابين والمتروكين وأهل الفسق، فلا يعتبر بروايتهم ولا تقوى بها الأخبار.
قال المعلمي: زوال التهمة عن الراوي إذا كان سند المتابعة مقبولاً، أما إذا كان ساقطاً فلا يدفع التهمة بل يقال: بعضهم وضع وبعضهم سرق أو وهم أو لقن أو أدخل عليه، على أنه إن كان مقبولاً والمروي منكراً فإن الراوي يبرأ وتلصق التهمة بمن فوقه (3).
وإن كان من المتابع واهماً في حديثه قلا يقوى به الحديث، وإنما ينهض الحديث إذا كان ضعفه محتملاً ويرجى فيه السلامة من الوهم.
¥