تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[09 - 08 - 02, 09:25 ص]ـ

3 - حكم رواية المبتدع، والتفصيل فيها:

قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن إسحاق المدني (1/ 5، 6):

فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحَدُّ الثقة العدالة والإتقان؟

فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟

وجوابه أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رُدَّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية؛ وهذه بينة.

ثم بدعة كبرى؛ كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.

وأيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا؛ بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارُهم؛ فكيف يُقبل نقلُ من هذا حاله! حاشا وكلا.

فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم.

والغالي في زماننا وعُرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضا، فهذا ضال مُعَثّر.ا. هـ.

رواية المبتدع فصل فيها الشيخ عبد الكريم الخضير في كتابه " الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به " (ص 159 – 165) وأنقله بنصه:

اختلف العلماء في الرواية عن المبتدعة كالمرجئة، والقدرية، والخوارج، والرافضة، وغيرهم، وفي الاحتجاج بما يروونه على أقوال:

- الأول: يرى جماعة متن أهل العلم أن رواية أهل البدع لا تقبل مطلقا؛ وذلك لأنهم إما كفار، وإما فساق بما ذهبوا إليه، وكل من الكافر والفاسق مردود الرواية.

وقد روي هذا القول عن الإمام مالك، والقاضي أبي بكر الباقلاني، واختاره الآمدي، وجزم به الحاجب.

واحتج لهذا الرأي بأن في الرواية عن المبتدع ترويجا لأمره، وتنويها بذكره.

وقد رد الحافظ ابن الصلاح هذا الرأي، وقال: إنه مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة.

- الثاني: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة، سواء كانوا فساقا أو كفارا بالتأويل.

واختار هذا القول أبو الحسين البصري معللا بأن الظن بصدقه غير زائل.

وقال الحافظ ابن حجر: التحقيق أن لا يرد كل مكفر ببدعته، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف.

- الثالث: يرى بعض أهل العلم التفصيل.

ونقل الشيخ تفصيل الذهبي الآنف الذكر.

- الرابع: تفصيل أيضا: إن كان داعية إلى مذهبه لم يقبل، وإلا قبل إن لم يرو ما يقوي بدعته، وهو مذهب أكثر العلماء، ونسبه الخطيب البغدادي لإمام أحمد، ورجحه ابن الصلاح.

لكن يضعف هذا الرأي رواية البخاري عن عمران بن حطان، الذي قال فيه المبرد: كان عمران رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم. وقال ابن حجر: إنه داعية إلى مذهبه.

- الخامس: تفصيل أيضا: وهو إن المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل، وإلا قبل، لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه.

وممن قال بهذا القول الإمام الشافعي، فقد روى عنه الخطيب البغدادي قوله: وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.

وحكاه الخطيب عن ابن ليلى، وسفيان الثوري، وأبي يوسف القاضي. ونسبه الحاكم لأكثر أئمة الحديث، وقال الفخر الرازي: إنه الحق.

لكن قال الشيخ أحمد شاكر: وهذا المذهب فيه نظر، لأن من عرف بالكذب ولو مرة واحدة لا تقبل روايته، فأولى إن ترد رواية من يستحل الكذب.

والراجح:

بعد استعراض الأقوال السابقة، وما علل به أصحاب كل قول لرأيهم تبين لي رجحان ما اعتمده الحافظ ابن حجر، وهو: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع قبوله. ورجحه الشيخ أحمد شاكر، وقال إنه الحق بالاعتبار، ويؤيده النظر الصحيح. ونحوه عن الشيخ محمد بخيت المطيعي، وقال: إن كان كذلك، كان كافرا قطعا.اهـ.

4 - معنى قول البخاري: منكر الحديث:

قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن جبلة الكوفي (1/ 6):

وقال البخاري: منكر الحديث. ونقل ابن القطان أن البخاري قال: كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه.ا. هـ.

قال ابن دقيق العيد في كتاب " الإمام " (2/ 178):

إذ فرق بين أن يقول: " روى أحاديث منكرة " وبين أن يقول: " إنه منكر الحديث "، فإن هذه العبارة تقتضي كثرة ذلك منه حتى تصير وصفا له، فيستحق بها أن لا يحتج بحديثه عندهم.ا. هـ.

5 - منهج الذهبي في كتابه لمن قال فيه: " مجهول ":

قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن حاتم الأملوكي (1/ 6):

ثم اعلم أن كل من أقول فيه مجهول ولا أسنده إلى قائلٍ فإن ذلك هو قول أبي حاتم فيه؛ وسيأتي من ذلك شيء كثير جدا فاعلمه، فإن عزوته إلى قائله كابن المديني وابن معين فذلك بين ظاهر؛ وإن قلت: فيه جهالة أو نكرة، أو يُجهل، أو لا يُعرف، وأمثال ذلك، ولم أعزه إلى قائل فهو من قِبَلِي، وكما إذا قلت: ثقة، وصدوق، وصالح، ولين، ونحو ذلك ولم أضفه.ا. هـ.

فمن يقرأ كتاب " الميزان " فليتذكر منهج الذهبي في المجهول.

وللموضوع بقية ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير