تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اكتفاء بالمكبر، و ذلك لما يأتي:

1 - لأن المكبر أقوى في إيصال الصوت للناس من الارتفاع.

2 - و لأن استخدام المكبر خال مما قد يترتب على الارتفاع من مفاسد كالنظر في البيوت و الاطلاع على العورات، و قد قيل:

ليتني في المؤذنين نهاراً

إنهم يبصرون من في السطوح

فيشيرون أو يشار إليهم

حبذا كل ذات دل مليح

3 - و يشهد لهذا أيضاً: أن الفقهاء لم ينصوا على شيء معين، بل كل ما كان عال فهو مقصود، لذا بلال – رضي الله عنه – كان يرقى على بيت الأنصارية، ثم لما بنيت المنارات في عهد معاوية – رضي الله عنه – استخدمت.

وبعدم الارتفاع في حال الأذان بواسطة المكبر أفتى شيخنا العلامة: عبدالله الجبرين (13) - حفظه الله -، و ألمح إليه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - (14) و الله أعلم.

المسألة الثانية: الالتفات في الحيعلتين.

المقصود بالحيعلتين: (حي على الصلاة، حي على الفلاح).

اتفق الفقهاء - رحمهم الله - على أنه يسن للمؤذن أن يلتفت في الحيعلتين يمينا وشمالاً (15) و اختلفوا في صفته (16).

ودليل هذه السنة ما يأتي:

1 - حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - وفيه:" و أذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يميناً وشمالاً: حي على الصلاة، حي على الفلاح " (17).

2 - ولأبي داود - رحمه الله -: " رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح، فلما بلغ (حي على الصلاة حي على الفلاح) لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر " (18).

وجه الدلالة: ظاهر من الحديثين، حيث صرح فيهما بالالتفات.

3 - ولأن الأذان مناجاة ومناداة، ففي حال المناجاة يستقبل القبلة، و عند المناداة يستقبل من ينادي؛ لأنه يخاطبهم بذلك فيعمهم الخطاب، ليكون أبلغ في الإعلام، كما في الصلاة فعندما يناجي يستقبل القبلة، وعندما يريد السلام يحول وجهه؛ لأنه يخاطب الناس (19).

أثر مكبرات الصوت:

يقصد بهذا الأثر: هل يترك المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر الالتفات في الحيعلتين أو لا؟ فأقول:

المكبرات من الصناعات الحديثة التي لم يمض على استخدامها في الحرمين الشريفين أكثر من سبعين سنة، فهي نازلة، ومعلوم أن الالتفات يقصد به تبليغ الصوت، ومخاطبة الناس، وهذا يتحقق بواسطة المكبر، وربما إذا التفت اختل الصوت و قوته، و عندما ننظر لتقرير حكم هذه المسألة ينبغي النظر إلى أمرين:

1 - أن المقصد الأعظم من الأذان هو: إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، كما سبق تقريره.

2 - و أن المقصود من الالتفات هو: تبليغ هذا النداء إلى الآخرين، مواجهتهم به.

و إذا نظرنا إلى استخدام المكبر نجد أننا بين مصلحة و مفسدة، فالمصلحة هي: تبليغ الناس الأذان، والمفسدة تحصل عند الالتفات حيث يضعف الصوت، فماذا نقدم؟!

قبل البت في هذه المسألة ينبغي تحرير صورة المسألة، فأقول:

1 - إذا كان المكبر ذا حساسية عالية و قوة التقاط، أو كان اللاقط يسهل تعليقه على بدن المؤذن، وكان الالتفات لا يضعف الصوت أو يجعله غير متوازن: فإن الالتفات باق على السنية، و هذه المسألة تخرج عن النزاع، والله أعلم.

2 - إذا كان الالتفات يخل بالصوت أو يجعله على غير مستوى واحد، فهذه المسألة هي محل النظر والاجتهاد، فأقول مستعيناً بالله وسائله السداد والتوفيق:

إن المقصد الأعظم من الأذان هو: تبليغ الناس للصوت، وهذا مقصد مستنبط من نصوص الشريعة، منها:

ا – ما ورد في قصة الأذان (20).

ب - قوله صلى الله عليه وسلم: " فإنه أندى صوتاً منك " (21).

ج – اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة رضي الله عنه (22).

د – قوله صلى الله عليه وسلم: " وارفع صوتك بالنداء " (23).

فالذي يظهر لي - والله أعلم -: أن المؤذن في المكبر لا يلتفت في الحيعلتين؛ وذلك لما يأتي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير