ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[29 - 09 - 06, 12:42 ص]ـ
أبو عبدالرحمن الطائي
ـــــــ
أَوَّلاً أَحْمَدُ فِيكَ أَدَبَكَ الْجَمَّ فِي الْحِوَارِ، وَالْتِزَامِ الْهُدُوءِ وَالْوَقَارِ، وَعَدَمِ الْحِدَّةِ وَالانْفِعَالِ، وَإِنْ كَانَ ثُمَّ مُخَالَفَاتٌ فِي إِلْزَامِكَ مُخَالِفَكَ مَا لا يَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ الْعُذْرُ لازِمٌ لَكَ كَمَا هُوَ لازِمٌ لَنَا.
وَقَدْ كَفَانِي الشَّيْخُ الْفَاضِلُ الْمُوَفَّقُ الْفَهْمُ الصَّحِيحُ الرَّدَّ عَلَى أَكْثَرِ الْمُخَالَفَاتِ الَّتِي لا تَلْزَمْنَا، لانْتِفَاءِ مُقْتَضَاهَا، وَثُبُوتِ مَوَانِعِهَا، فَنَحْنُ أَمْتَنُ تَقْرِيرَاً، وَأَشَدُّ تَثْبِيتَاً لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُسْتَفِيضُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»، وَلَكِنْ بِالشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَسْلَفْنَا بَيَانَهَا، وَقَدْ أَلْمَحْنَا مِرَارَاً إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ تَحَقُّقِ الرُّؤْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالرُّؤْيَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ لِوُجُودِ مُقَدِّمَاتٍ قَطْعِيَّةٍ سَابِقَةٍ دَالَّةٍ عَلَى اسْتِحَالَتِهَا، وَالشَّرْعُ لا يَأْمُرُنَا بِالْمُسْتَحِيلاتِ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ مِنْ الشَّرْعِ يُلْزِمُنَا بِقَبُولِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا ثَبَتَتْ اسْتِحَالَتُهُ.
وَمِنَ الْوَاضِحِ الْبَيِّنِ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يُعَارِضُنَا هَاهُنَا غَيْرُ مُدْرِكٍ لِحَقِيقَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ الْمُمْكِنَةِ وَالرُّؤْيَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ. وَالْمَرْجُو مِمَّنْ يُشَارِكُنَا أَنْ يَكُونَ عَلَى دِرَايَةٍ وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ بِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، حَتَّى يَتَحَرَّرَ لَدَيْهِ مَنَاطُ النَّزَاعِ، وَلا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، تَحْقِيقَاً لأُلْفَةِ الْقُلُوبِ، وَنَبْذَاً لِلْخِلافِ الْمَذْمُومِ.
وما أدري لمَ عدل أخونا الشيخ الألفي إلى إضفاء صفات الإمامة للسبكي في هذا الموضع، بقوله: العلامة .. شيخ الشافعية .. من نفائس شيخ الشافعية ...
وهو من هو في علوم الآلة وفقه المذهب، لكن لا ينبغي نسيان حاله في الاعتقاد وانحرافه عن منهج السلف وعدائه لشيخ الإسلام، وما نحن بصدده متعلق بقضية عظيمة، وهي منهج المسلم في التلقي والاستدلال.
كَأَنَّكَ عِبْتَنِي بِمَا يَنْبَغِي أَنْ تَرْضَاهُ مِنِّي، وَهُوَ مَحَبَّتِى وَتَقْدِيرِي لأَعْلامِ الأُمَّةِ، وَرُفَعَاءِ الأَئِمَّةِ. فَهَلْ تَنْقُمُ عَلَيَّ إِضْفَائِي صِفَةَ الإِمَامَةِ عَلَى شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ تَقِي الدِّينِ السُّبْكِيِّ، وَهُوَ مَنْ خَبَرْتُ حَالَهُ، وَتَوَثَّقَتْ مَعْرِفَتِي بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ مَذْهَبِ إِمَامِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ.
فَأَمَّا الَّذِي عَدَلَ بِي إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاتُ الأَمْرِ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى إِكْبَارِ وَتَقْدِيرِ شَيْخِ الْحَنَابِلَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ تَيْمِيَّةَ، فَكِلاهُمَا عَلَى خَيْرٍ وَفَضْلٍ وَعِلْمٍ وَإِمَامَةٍ، وَلا يُنْكِرُ مَنْزِلَتَهُمَا وَفَضْلَهُمَا إِلا جَاهِلٌ لا يَعْرِفُ أَقْدَارَ الْعُلَمَاءِ، وَأَقُولُهَا: لَوْ أَنَّ أَدْنَاهُمَا عِلْمَاً أَخَذَتْ أُمَّةٌ مِنْ الأُمَمِ بِعِلْمِهِ لَرَشَدَتْ تِلْكَ الأُمَّةُ.
والَّذِي عَدَلَ بِي إِلَى ذَلِكَ؛ مَا أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ الْخَيْرِ الزِّيَادِيُّ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ».
وَلِنَكْتَفِي هُنَا بِشَهَادَةِ الْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ الْحَنْبَلِيِّ: «السُّبْكِيُّ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ شَيْخُ الإِسْلامِ خَاتِمَةُ الْمُجْتَهِدِينَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِي الدِّينِ أبُو الْحَسَنِ الْخَزْرَجِيُّ الْقَاهِرِيُّ الشَّافِعِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الشَّهِيرَةِ كَتَفْسَيْرِ الْقُرْآنِ، وَشَرْحِ المِْنْهَاجِ، وَتَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمَذْهَبِ، وَالْفَتَاوِي». فَهَلْ نَرُدُّ عَلَى الْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ قَوْلَهُ «الإِمَامُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ شَيْخُ الإِسْلامِ خَاتِمَةُ الْمُجْتَهِدِينَ»، وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالإِمَامَيْنِ: تَقِي الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وتَقِي الدِّينِ السُّبْكِيِّ!.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 09 - 06, 01:00 ص]ـ
وَمِنَ الْوَاضِحِ الْبَيِّنِ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يُعَارِضُنَا هَاهُنَا غَيْرُ مُدْرِكٍ لِحَقِيقَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ الْمُمْكِنَةِ وَالرُّؤْيَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ. وَالْمَرْجُو مِمَّنْ يُشَارِكُنَا أَنْ يَكُونَ عَلَى دِرَايَةٍ وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ بِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، حَتَّى يَتَحَرَّرَ لَدَيْهِ مَنَاطُ النَّزَاعِ، وَلا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، تَحْقِيقَاً لأُلْفَةِ الْقُلُوبِ، وَنَبْذَاً لِلْخِلافِ الْمَذْمُومِ.
شيخنا الكريم قد كنت في غنى عن هذا.
¥