ـــــــ لَطَالَمَا تَمَنَّبْنَا أَنْ نَأْخُذَ بِأُمِّ رَأْسِ الْحَضَارَةِ وَإِنْجَازَاتِهَا، وَعُلُومِهَا وَمُبْتَدَعَاتِهَا، فَنُلْقِي بِهَا فِي سِجِينٍ، وَنُرَدِّدُ مَعَ الْقَطامِيِّ قَائِلِينَ:
وَمَنْ تَكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبْتُهُ ... فَأَيَّ أُنَاسِ بَادِيَةٍ تَرَانَا
وَنُرَدِّدُ مَعَ الأَعْرَابِيَّةِ الْمُتَمَسِّكَةِ بِبَدَاوَتِهَا، الْمُحَافِظَةِ عَلَى عِزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا:
لَبَيْتٌ تَخْفِقُ الأَرْيَاحُ فِيهِ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَصْرٍ مَنِيفِ
وَأَصْوَاتُ الرِّيَاحِ بِكُلِّ فَجٍّ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَقْرِ الدُّفُوفِ
وَكَلْبٌ يَنْبَحُ الطُرَّاقَ عَنِّي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِطٍّ ألُوفِ
ولُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشَّفُوفِ
وَأكْلُ كُسَيْرَةٍ فِي قَعْرِ بَيْتِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِ الرَّغِيفِ
خُشُونَةُ عِيشَتِي فِي الْبَدْوِ أَشْهَى ... إِلَى نَفْسِي مِنَ الْعَيْشِ الظَّرِيفِ
وَلَكِنْ هَلْ تُرَانَا صَادِقِينَ فِيمَا تَمَنَّيْنَاهُ!، وَجَادِّينَ فِيمَا تَبَنَّيْنَاهُ. كَيْفَ، وَقَدْ غَيَّرَتْ الْحَضَارَةُ مِنْ أَحْوَالِنَا وَأَلْوَانِنَا، وَعَادَاتِنَا وَعِبَادَاتِنَا، فَلَمْ تُغَادِرْ صَغِيْرَاً وَلا كَبِيْرَاً إِلا لَوَتْ عُنَقَهُ، وَمَلَكَتْ رِقَّهُ، فَقَادَتْهُ بِزِمَامِهَا، وَقَيَّدَتْهُ بِنَامُوسِهَا، وَأَطْعَمَتْهُ مِنْ لُبَانِهَا، وَكَسَتْهُ مِنْ أَثْوَابِهَا، وَأَدْهَشَتْهُ بِتَحْرِيكِ مَا كَانَ سَاكِنَاً، وَأَنْعَشَتْهُ بِاسْتِخْرَاجِ مَا لَمْ يَحْسِبْهُ مُمْكِنَاً، وَقَرَّبَتْ الْبَعِيدَ، وَأَلانَتْ الْحَدِيدَ، وَأَصْهَرَتْ الْجَامِدَاتِ، وَأَسْخَنَتْ الْبَارِدَاتِ، وَعَلَتْ بالإنْسَانِ حَتَّي رَكِبَ مَتْنَ الْجَوْزَاءِ، وَسَبَحَ فِي أَجْوَاءِ الْفَضَاءِ، وَرَكَضَ بِرِجْلِهِ الْقَمَرَ فِي سَمَائِهِ، وَنَثَرَ دَنَانِيرَهُ عَلَى الْمَرِّيخِ فِي عَلْيَائِهِ. فَالْكُلُّ بِالْحَضَارَةِ مُعْجَبٌ، لَيْسَ لَهُ فِي التَّخَلِّي عَنْهَا أَرَبٌ. وَلِسَانُ الْحَالِ يَنْطِقُ بِاسْتِحَالَةِ طَلاقِهَا، لِمَرَارَةِ الصَّبْرِ عَلَى فِرَاقِهَا.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[02 - 10 - 06, 10:20 م]ـ
لِسَانُ الْحَالِ يَنْطِقُ بِاسْتِحَالَةِ طَلاقِ الْحَضَارَةِ، وَنَبْذِ عُلُومِهَا وَمُبْتَدَعَاتِهَا
ـــــــ لَطَالَمَا تَمَنَّبْنَا أَنْ نَأْخُذَ بِأُمِّ رَأْسِ الْحَضَارَةِ وَإِنْجَازَاتِهَا، وَعُلُومِهَا وَمُبْتَدَعَاتِهَا، فَنُلْقِي بِهَا فِي سِجِينٍ، وَنُرَدِّدُ مَعَ الْقَطامِيِّ قَائِلِينَ:
وَمَنْ تَكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبْتُهُ ... فَأَيَّ أُنَاسِ بَادِيَةٍ تَرَانَا
وَنُرَدِّدُ مَعَ الأَعْرَابِيَّةِ الْمُتَمَسِّكَةِ بِبَدَاوَتِهَا، الْمُحَافِظَةِ عَلَى عِزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا:
لَبَيْتٌ تَخْفِقُ الأَرْيَاحُ فِيهِ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَصْرٍ مَنِيفِ
وَأَصْوَاتُ الرِّيَاحِ بِكُلِّ فَجٍّ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَقْرِ الدُّفُوفِ
وَكَلْبٌ يَنْبَحُ الطُرَّاقَ عَنِّي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِطٍّ ألُوفِ
ولُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشَّفُوفِ
وَأكْلُ كُسَيْرَةٍ فِي قَعْرِ بَيْتِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِ الرَّغِيفِ
خُشُونَةُ عِيشَتِي فِي الْبَدْوِ أَشْهَى ... إِلَى نَفْسِي مِنَ الْعَيْشِ الظَّرِيفِ
وَلَكِنْ هَلْ تُرَانَا صَادِقِينَ فِيمَا تَمَنَّيْنَاهُ!، وَجَادِّينَ فِيمَا تَبَنَّيْنَاهُ. كَيْفَ، وَقَدْ غَيَّرَتْ الْحَضَارَةُ مِنْ أَحْوَالِنَا وَأَلْوَانِنَا، وَعَادَاتِنَا وَعِبَادَاتِنَا، فَلَمْ تُغَادِرْ صَغِيْرَاً وَلا كَبِيْرَاً إِلا لَوَتْ عُنَقَهُ، وَمَلَكَتْ رِقَّهُ، فَقَادَتْهُ بِزِمَامِهَا، وَقَيَّدَتْهُ بِنَامُوسِهَا، وَأَطْعَمَتْهُ مِنْ لُبَانِهَا، وَكَسَتْهُ مِنْ أَثْوَابِهَا، وَأَدْهَشَتْهُ بِتَحْرِيكِ مَا كَانَ سَاكِنَاً، وَأَنْعَشَتْهُ بِاسْتِخْرَاجِ مَا لَمْ يَحْسِبْهُ مُمْكِنَاً، وَقَرَّبَتْ الْبَعِيدَ، وَأَلانَتْ الْحَدِيدَ، وَأَصْهَرَتْ الْجَامِدَاتِ، وَأَسْخَنَتْ الْبَارِدَاتِ، وَعَلَتْ بالإنْسَانِ حَتَّي رَكِبَ مَتْنَ الْجَوْزَاءِ، وَسَبَحَ فِي أَجْوَاءِ الْفَضَاءِ، وَرَكَضَ بِرِجْلِهِ الْقَمَرَ فِي سَمَائِهِ، وَنَثَرَ دَنَانِيرَهُ عَلَى الْمَرِّيخِ فِي عَلْيَائِهِ. فَالْكُلُّ بِالْحَضَارَةِ مُعْجَبٌ، لَيْسَ لَهُ فِي التَّخَلِّي عَنْهَا أَرَبٌ. وَلِسَانُ الْحَالِ يَنْطِقُ بِاسْتِحَالَةِ طَلاقِهَا، لِمَرَارَةِ الصَّبْرِ عَلَى فِرَاقِهَا.
نعم وأحسنت شيخنا الفاضل على أن لا تكون تلك الحضارة ناسفةً لأمر شرعي كالرؤية واعتبارها والحث عليها
¥