تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خامسا: ان المنهج الموسوعي في اصطلاحه الجديد يعتمد العرض الوصفي لبحوثه بمعنى: انه يعرض عبر صياغات خاصة الناجز والمتحقق بالفعل من ابواب المعرفة البشرية، من دون مساس بالمضمون او تصرف فيه، ومن ثم فهو لا يقدم جديدا من حيث المادة، فدوره دور الاخبار عن المعاني، لا انشاء المعاني.

وهذا هو الفارق الاساس بين الموسوعية الحديثة من جهة وبين الموسوعية الموضوعية والمنهج التخصصي الذي تلاها بعد القرن الرابع من جهة اخرى، فالمؤلف في الاولى لا يقدم جديدا في المعرفة كما قلنا، بل يقوم بدور المهندس الذي يتقن وضع بناء المعرفة البشرية على افضل هيئة واحسن نظام بحسب ما تقتضيه اساليب البحث العلمي الجديد. فمهمته الاخبار عن المادة العلمية الموجودة في بطون الكتب من دون تصرف او اجتهاد يبديه، ولذا لا مجال لظهور شخصية الكاتب العلمية على صفحة البحث الا بمقدار الهندسة والمنهجة لابحاث الموسوعة، وبالطبع فان هذا فن في نفسه يحتاج الى تقنية عالية.

واما المؤلف في الثانية، فالفكرة تتدفق منه صورة ومادة، اسلوبا ومضمونا بما يمكنه من ظهور آراءه واجتهاداته على طاولة البحث، فدوره دور المؤسس والمهندس معا.

سادسا: تمتاز بحوث دائرة المعارف بتوثيق المعلومات الواردة فيها وتذييل مقالاتها بذكر المصادر ليستزيد من يريد التوسع.

عينات من دوائر المعارف العالمية:

ان الموسوعية منهج متجذر في تاريخ التدوين والكتابة، حتى انه يمكن اطلاقها على جميع المدونات العلمية القديمة، كما اشار لذلك كلام المحقق الطهراني (رحمه اللّه) المتقدم، الذي يعتبر من اكابر المختصين والمحققين في علم وصف الكتب (الببلوغرافيا)، وانا وان كانت تدعونا المناسبة لذكر شعاع من تاريخ الموسوعات ودوائر المعارف في العالم الا انها لا تسمح لنا في الوقت ذاته بالافاضة في هذا الموضوع والالمام باطرافه، اذ ذاك من مهام المعاجم والمصادر الببلوغرافية، فلا يتسع له المجال في مثل هذا المقال، ولكن نلمح الى عينات ونماذج مختارة من ذلك بعد ان تحدثنا في الفصل السابق عن انواع الموسوعات ودوائر المعارف بشكل عام.

ويمكننا تقسيم الموسوعية ودوائر المعارف خارج العالم الاسلامي الى ما قبل الميلاد وبعده. وسوف نتعرض لذلك، ثم نرجع للعالم الاسلامي الذي بدا عهده بالهجرة النبوية الشريفة، فنتكلم حولها بايجاز ايضا.

دوائر المعارف قبل الميلاد:

1 - الصين: وهي اقدم البلاد، وشعبها اقدم الامم في هذا المجال، يرقى عهدهم في الموسوعية الى القرن الخامس عشر قبل التاريخ، واهم الموسوعات لديهم هي الانسكلوبيديا المعروفة ب «ينغ لوتاتين»، وقد اسهم فى تاليفها (2200) كاتب، وقد بلغ عدد مجلداتها (892) مجلدا، وايضا الانسكلوبيديا الصينية المعروفة ب (سان تسان توفهي) وتقع في (130) مجلدا.

2 - اليونان: اليونانيون هم ثاني الامم واصحاب الحضارات بعد الصين في كتابة دوائر المعارف والموسوعات الموضوعية. ويعتبر سبوسيبوس ابن اخي افلاطون (ت حدود 329 ق. م) عند اكثر المؤرخين اول من كتب الانسكلوبيديا، ولم يحفظ الا بعض المقاطع. كما ان لارسطو طاليس وفارو وبلينوس دوائر من هذا القبيل، وللاخير منهم مجموعة كبيرة مؤلفة من (120) الف مادة مهمة مقتطفة من نحو الفي مجلد في الهيئة والرياضيات والطبيعة والنبات والمعادن والطب وغيرها مما يظهر التقدم العلمي لتلك الحضارات.

3 - الروم: ظهرت في القسطنطينية والروم الشرقية اواخر القرن الثاني قبل الميلاد، بعض الاعمال الموسوعية على يد ماركوس ترنيتوس وارو (27 116 ق. م) حيث كتب انسكلوبيديا باسم ( Disci Plinaram librix)

تسعة من علوم عصره هي: النحو، الجدل، البلاغة، الهندسة، الحساب، النجوم، الموسيقى، الطب، الفن المعماري.

دوائر المعارف بعد الميلاد:

1 - الروم: اشتهرت بلاد الروم بعد الميلاد بمجموعة من دوائر المعارف الخاصة والعامة. منها: كتاب التاريخ الطبيعي للعالم الرومي المعروف «بپليني» (ت 79 م)، ومجموعته عبارة عن (37) كتابا، ويشتمل على (20) الف مادة من علوم شتى، رجع في تاليفه كما قيل الى (2000) مصدر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير