وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ شِبْهُ الْمَجْهُولِ!، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْلالْكَائِيِّ: مَجْهُولٌ لا تَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ!، فَمَرْدُودَانِ بِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مِنْ شُهْرَتِهِ، وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ عَنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ صُحْبَةٌ، مَعَ تَوْثِيقِ الْعِجْلِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ لَهُ.
وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ إِمَامُ الْمُحَدِّثَينِ بِقَوْلِهِ: لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ.
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[08 - 10 - 06, 09:34 م]ـ
تم تلقي هذه الرسالة من فضيلتكم على الخاص, بوركتم وبورك مسعاكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 06, 06:51 م]ـ
7) ولعل أهم أثر هو ما رواه جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله بن سيدان، قال: «شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: مال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره». قلت: فهذا معناه إجماع من الصحابة على صحة الصلاة قبل الزوال.
وهذا الأثر مشهور. خرَّجه وكيع في "كتابه" عن جعفر، به. وخرّجه عنه ابن أبي شيبةَ في "كتابه" (2
107 أو 1
444 ط. الرشد). وخرّجه عبد الرزاق في "كتابه" (3
175) عن معمرٍ، عن جعفرٍ، به. وخرّجه الأثرمُ، والدارقطنيُّ (2
17). ورواه الإمامُ أحمدُ –في رواية ابنهِ عبدِ اللهِ– (ص125)، عن وكيعٍ، عن جعفرٍ، واستدلَّ به.
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري: «وهذا إسنادٌ جيدٌ: وجعفرٌ: حديثُه من غيرِ الزُّهريِّ حجةٌ يحتج به – قالَه الإمامُ أحمدُ والدارقطنيُّ وغيرُهما. وثابتُ بنُ الحجاجِ: جزريٌّ تابعيٌّ معروفٌ، لا نعلمُ أحداً تكلَّم فيه، وقد خَّرج له أبو داودَ. وعبدُ اللهِ بنُ سِيْدانَ السلميُّ المَطْرُودِيُّ، قِيلَ: إنَّه من الربذةِ، وقيل: إنه جزريٌّ. يروي عن أبي بكرٍ وحذيفةَ وأبي ذرَّ. وثَّقه العجليُّ، وذكره ابنُ سعدٍ في "طبقةِ الصحابةِ" ممَّن نزلَ الشامَ، وقال: "ذَكروا أنه رأى النبيّ ?". وقال القشيريُّ في "تاريخ الرقة": "ذكروا أنه أدركَ النبيَّ ?". وأمّا البخاريُّ، فقال: "لا يتابعُ على حديثِه" – كأنّه يشيرُ إلى حديثِه هذا. وقولُ ابنِ المنذرِ (2
355): "إِنّ هذا الحديثَ لا يثبتُ". هو متابعةٌ لقولِ البخاري. وأحمدُ أعرفُ بالرجالِ مِنْ كلِّ من تَكلَّم في هذا الحَديثِ، وقد استدلَّ بِهِ واعتمدَ عليه».
فهذا الأثر صريحٌ جداً. فلما عجزوا عن تأويله، ضعفوا راويه عبد الله بن سيدان المطرودي السلمي الجزري. فذكروا أن البخاري قال عنه في التاريخ الكبير (5
110): «لا يتابع في حديثه». وهذه عبارة مبهمة، شرحها ابن عدي في "الكامل" (4
222) حيث قال بعد أن ذكر كلام البخاري: «وهذا الذي أشار إليه البخاري هو حديث واحد». فنستفيد أن كلام البخاري عن حديث واحد، وليس عن كل حديث ابن سيدان، فلا يعتبر جرحاً له. ثم قال ابن عدي عن ابن سيدان: «وهو شبه المجهول».
أقول: هو ليس مجهولاً ولا حتى شبه مجهول. فهو رجل قديم قيل أنه له صحبة، وقيل أنه من كبار التابعين، وهذه الطبقة يتساهل الكثير من الحفاظ في توثيق رجالها لغلبة الصدق عليهم وقرب عهدهم من الصحابة. وقد روى عنه أربعة ثقات، وهذا يكفي وحده في رفع الجهالة. وذكره ابن حبان في "الثقات" في طبقة الصحابة فقال (3
247): «السلمي نزيل الربذة، يقال إن له صحبة». ثم ذكره في التابعين فقال (5
31): «ومطرود فخذ من سليم يروي عن أبي ذر وحذيفة. عداده في أهل الربذة. روى عنه ميمون بن مهران الجزري (ثقة عالم فقيه) و حبيب بن أبي مرزوق الجزري (ثقة فاضل)». أقول: وقد روى عنه كذلك ثابت بن الحجاج الجزري (ثقة) و جعفر بن برقان الجزري (ثقة في غير الزهري). فهؤلاء أربعة ثقات. وقال عنه العجلي في معرفة الثقات (2
32): «تابعي ثقة».
¥