*** من ذلك ما ذكره الأمين محمد كعورة في كتابه مبادئ الكونيات (صـ97) حيث قال: " والذي حدث في موعد بدء صيام رمضان لعام 1389هـ يستحق الذكر، ألا وهو أن بعض الدول الإسلامية – أي الجمهورية العربية المتحدة بالذات – اعتمدت على حساب الفلك والأرصاد في أن هلال رمضان لن يولد قبل منتصف ليلة الاثنين – أي لا تمكن رؤيته مساء الأحد –، ولكن الذي حدث أن رؤية الهلال ثبتت في السعودية وبعض الدول الأخرى في مساء الأحد".
... ومن ذلك ما حدث أيضاً في هلال شهر شوال في عام 1406هـ، وذكره الشيخ بكر أبو زيد في مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ (2\ 836)؛ فإن الحاسبين أعلنوا النتيجة في الصحف باستحالة رؤية هلال شوال ليلة السبت الثلاثين من رمضان، فثبت شرعاً بعشرين شاهداً على أرض المملكة العربية السعودية في مناطق مختلفة في عاليتها وشمالها وشرقها، ورؤي في أقطار أخرى من البلاد الإسلامية.
... ومن ذلك أيضاً ما حصل في عام 1407هـ: وذكره الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (15\ 127 - 134)؛ حيث أفاد الدكتور علي عبندة – مدير الأرصادات العامة وعضو لجنة المواقيت في وزارة الأوقاف الأردنية – بأن الحقائق العلمية تؤكد عدم إمكانية رؤية هلال رمضان مساء الاثنين مطلقاً، حيث أفاد أن الهلال يغيب قبل غروب الشمس بحوالي 20 دقيقة، ومع ذلك فقد ثبتت الرؤية لهلال رمضان في ليلة الثلاثاء لدى مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية.
... و ما حصل في ثبوت شهر شوال لعام 1425هـ، حيث أن الفلكيين يفيدون أن هلال شوال لا يمكن أن يُرى مساء الجمعة، وأن شهر رمضان سوف يكمل، وأن أول أيام العيد هو يوم الأحد؛ وذلك لكون القمر يغرب قبل غروب الشمس مساء ذلك اليوم.
وذكر المهندس محمد شوكت عودة أن الاقتران المركزي لشهر شوال لهذا العام سيكون يوم الجمعة الموافق 12 تشرين الثاني في الساعة 27: 14 بالتوقيت العالمي ومن المستحيل رؤية الهلال في ذلك اليوم من جميع دول العالم الإسلامي لغروب القمر قبل غروب الشمس ا. هـ
ومع هذا كله فقد رُؤي هلال شهر شوال مساء يوم الجمعة في المملكة العربية السعودية، وشوهد في أكثر من منطقة، وشهد برؤية هلال شوال مساء يوم الجمعة أكثر من عشرين شاهداً، منهم اثنان أتيا إلى نفس مكتب مجلس القضاء الأعلى في الرياض – كما أوضح لي ذلك المسؤول في مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية – وبذلك يكون شهر رمضان ناقص غير تام، ويكون يوم السبت هو أول أيام العيد، وليس كما قالوا، وبذلك يتبين أن حساباتهم ليست دقيقة إطلاقاُ، وإنما هي ظنية.
(3) ومن الشواهد المعاصرة أيضاً على ذلك أنا رأينا بعض البلدان الإسلامية تعلن الصوم والفطر بموجب الحساب الفلكي، والفارق بينها وبين البلدان التي تثبته بالرؤية يومان أو ثلاثة، فهل يكون في الدنيا فارق في الشهور القمرية الشرعية كهذه المدة.
(4) ومما يدل على اضطرابهم ما ذكره الشيخ بكر أبو زيد في مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ (2\ 836 - 837):
وهو التضارب الحاصل بالنتائج والتقاويم المنتشرة بحساب المعاصرين، فإنها متفاوتة مختلفة في إثبات أوائل الشهور، وما زال اختلافها حتى في الولاية الواحد، وهذا يدل على دفع يقينيته أو ظنيته الغالبة، وعلى اضطرابه، فكيف نعلق أمورنا التعبدية بحساب مضطرب؟
وهذا كله دليل مادي واضح على أن النتائج الفلكية المعاصرة في هذا ظنية وضعيفة.
(5) أن الطب – مثلاً – بلغ في العصر الحاضر من الدقة والترقي ما هو مشاهد لعموم الناس، ومع هذا فيقع لذوي البصارة فيه ومن دونهم من الخطأ والغلط ما يكون ضحيته نفس معصومة أو منفعة أو عضو محترم، هذا مع أن لوازمه مدركة بالحواس العاملة فيه من سمع وبصر ولمس، فكيف بحال الحساب الفلكي الذي ما زال عملة نادرة ولم تكن نتيجته فاشية باليقين، ولوازمه غير محسوسة، إذن فكيف يسوغ التحول من المقطوع بدلاته بحكم الشارع إلى المظنون، ومن المتيقن إلى المشكوك في نتيجته. ذكره الشيخ بكر أبو زيد أيضا.
¥