تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في السيل وقال:"فالواجب الرجوع إلى ما يصدق عليه أنّه سفر وأنّ القاصد إليه مسافر ولا ريب أنّ أهل اللغة يطلقون اسم المسافر على من شدّ رحله وقصد الخروج من وطنه إلى مكان آخر فهذا يصدق عليه أنّه مسافر وأنّه ضارب في الأرض ولا يطلقون اسم المسافر على من خرج مثلا إلى أمكنة قريبة من بلده لغرض من الأغراض، فمن قصد السفر قصَرَ إذا حضرته الصلاة و لو كان في ميل بلده" (7) وقد سبق أنّ ابن تيمية رجح هذا المعنى في السفر الذي تقصر فيه الصلاة (8) حيث رجح جوازه في كلّ سفر قصيرا كان أو طويلا كما قصر أهل مكة خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومنى، وبين مكة وعرفة نحو أربعة فراسخ، وقال: "وبهذا قال طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم، أنّه يقصر في السفر الطويل والقصير، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت للقصر مسافة ولا وقتا، وقد قصر خلفه أهل مكة بعرفة ومزدلفة، وهذا قول كثير من السلف والخلف وهو أصح الأقوال في الدليل، لكن لا بد أن يكون ذلك ممّا يسود في العرف سفرا قبل أن يتزود له ويبرز للصحراء" (9) وقال في موضع آخر:" كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع، فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفرا في عرف الناس، فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم" (10).

ويؤيد ذلك -عندي- أنّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة وغيرهم من أهل المشاعر في منى ومزدلفة وعرفة في حجة الوداع كانت بهم قصرا ولم يصنع مثل هذا في يوم الفتح حيث إنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى في دارهم وهو مسافر ثمّ قال: «أتمّوا صلاتكم فإنّا قوم سفر» (11) فلو كان أهل مكة والمشاعر غير مسافرين لأمرهم بالإتمام كما جاء في هديه، لكنّهم لمّا تأهبوا وشدوا الرحال عدّوا مسافرين بالرغم من قصر سفرهم وجرت عليهم أحكام أهل الآفاق البعيدين، وهذا الهدي سلكه من بعده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومن بعدهم من القرون المفضلة من غير نكير.

والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.


1 - أخرجه البخاري في تقصير الصلاة (1088)، ومسلم في الحج (3330)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

2 - أخرجه أحمد (3/ 169)، والبيهقي (3/ 146)، من حديث أنس بن مالك رضي اله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:163).

3 - أخرجه ابن أبي شيبة وصححه الألباني في الإرواء (3/ 18)

4 - انظر الآثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم في مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة وقد نص على بعضها في الإرواء: (3/ 16) وما بعدها.

5 - أخرجه أبو داود في الحج (1725)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحكم عليه الألباني بالشذوذ في تحقيقه لسنن أبي داود رقم: (1725)، وصححه في صحيح الجامع: (7302).

6 - مذكرة الشنقيطي: (241).

7 - السيل الجرار للشوكاني (1/ 308).

8 - مجموع الفتاوى: (24/ 15.12).

9 - مجموع الفتاوى لابن تيمية (24/ 15).

10 - المصدر السابق (24/ 40)

11 - أخرجه أبو داود في صلاة السفر (1229)، من حديث عمران بن الحصين قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلاّ ركعتين، يقول:"يا أهل البلد صلوا أربعا فإنّا قوم سفر" وأخرجه كذلك ابن خزيمة: (1643)، والبيهقي (5593)، وضعفه الألباني في سنن أبي داود (1229). وصحّ موقوفا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ـ[ابو عبد الرحمن الأندلسي]ــــــــ[19 - 08 - 07, 04:16 ص]ـ
المفتي العلامة الاصولي الشيخ فركوس حفظه الله

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[03 - 04 - 08, 07:29 م]ـ
طال غيابك يا أبا عبد الرحمن

ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[04 - 04 - 08, 08:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,

هل نستطيع ان نقول ان تحديد السفر لا يكون بالمسافة إنما يكون بالعرف عند الناس, وضابط السفر بالعرف يكون مدى تجهز الناس لسفر والتزود له كأن يأخذوا لباس لهم زيادة على ما يرتدونه وبفحص السيارة قبل السفر وغير ذلك من القرائن الدالة على السفر. وهذا ما فهمته من النصوص الشرعية. والله اعلم. وارجو تصويب فهمي.

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[06 - 04 - 08, 03:18 م]ـ
... هل نستطيع ان نقول ان تحديد السفر لا يكون بالمسافة إنما يكون بالعرف عند الناس .... وهذا ما فهمته من النصوص الشرعية. والله اعلم. وارجو تصويب فهمي.
أخي
ممكن تدلنا على النصوص الشرعية الدالة على أن تحديد السفر يرجع إلى العرف؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير