-كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله عدي بن عدى وهو تابعي من أولاد الصحابة: إن للإيمان فرائض (أي أعمالا مفروضة) وشرائع (أي عقائد دينيه) وحدودا (أي منهيات ممنوعة) وسننا (أي مندوبات) فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص، وقوله:فسأبينها أي أبين تفاريعها لا أصولها لأن أصولها كانت معلومة لهم مجمله
-والغرض من هذا الأثر أن عمر بن عبد العزيز كان ممن يقول بان الإيمان يزيد وينقص حيث قال استكمل ولم يستكمل
-قوله وقال إبراهيم عليه السلام:"ولكن ليطمئن قلبي" أشار إلى تفسير سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما لهذه الآية فروى بن جرير بسنده الصحيح إلى سعيد قال قوله ليطمئن قلبي أي يزداد يقيني وعن مجاهد قال لازداد إيمانا إلى ايماني وإذا ثبت ذلك عن إبراهيم عليه السلام مع أن نبينا ?قد أمر باتباع ملته كان كأنه ثبت عن نبينا ?ذلك وإنما فصل المصنف بين هذه الآية وبين الآيات التي قبلها لأن الدليل يؤخذ من تلك بالنص ومن هذه بالإشارة والله أعلم
-وقال معاذ بن جبل: اجلس بنا نؤمن ساعة وفي رواية كان معاذ بن جبل يقول للرجل من إخوانه أجلس بنا نؤمن ساعة فيجلسان فيذكران الله تعالى ويحمدانه، ووجه الدلالة منه ظاهرة لأنه لا يحمل على أصل الإيمان لكونه كان مؤمنا وأي مؤمن وإنما يحمل على إرادة أنه يزداد إيمانا بذكر الله تعالى
-قال بن مسعود اليقين الإيمان كله و عن بن مسعود أنه كان يقول اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها وإسناده صحيح وهذا أصرح في المقصود ولم يذكره المصنف لما أشرت إليه تنبيه تعلق بهذا الأثر من يقول أن الإيمان هو مجرد التصديق وأجيب بان مراد بن مسعود أن اليقين هو أصل الإيمان فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله بالأعمال الصالحة حتى قال سفيان الثوري لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطار اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار
-وقال بن عمر:"لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر" المراد بالتقوى وقاية النفس عن الشرك والأعمال السيئة والمواظبة على الأعمال الصالحة وبهذا التقرير يصح استدلال المصنف
-وقوله حاك أي تردد ففيه إشارة إلى أن بعض المؤمنين بلغ كنه الإيمان وحقيقته وبعضهم لم يبلغ وقد ورد معنى قول بن عمر عند مسلم من حديث النواس مرفوعا وعند أحمد من حديث وابصة وحسن الترمذي من حديث عطية السعدي قال قال رسول الله ?لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس وليس فيها شيء على شرط المصنف فلهذا اقتصر على أثر بن عمر ولم أره إلى الآن موصولا وقد أخرج بن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي الدرداء قال تمام التقوى أن تتقي الله حتى تترك ما ترى أنه حلال خشية أن يكون حراما
-وقال مجاهد "شرع لكم " والمراد أن الذي تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة هو شرع الأنبياء كلهم أوصيناك يا محمد وإياه دينا واحدا
-وقد استدل الشافعي وأحمد وغيرهما على أن الأعمال تدخل في الإيمان بهذه الآية:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله إلى قوله دين القيمة" قال الشافعي ليس عليهم أحج من هذه الآية أخرجه الخلال في كتاب السنة
-وقال بن عباس"شرعة ومنهاجا": سبيلا وسنة،"دعاؤكم" إيمانكم لقوله عز وجل:" قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم "ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان
قال في قوله تعالى:"قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم" قال يقول لولا أيمانكم اخبر الله الكفار أنه لا يعبأ بهم ولولا إيمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضا ووجه الدلالة للمصنف أن الدعاء عمل وقد أطلقه على الإيمان فيصح إطلاق أن الإيمان عمل وهذا على تفسير بن عباس وقال غيره الدعاء هنا مصدر مضاف إلى المفعول والمراد دعاء الرسل الخلق إلى الإيمان فالمعنى ليس لكم عند الله عذر إلا أن يدعوكم الرسول فيؤمن من آمن ويكفر من كفر فقد كذبتم أنتم فسوف يكون العذاب لازما لكم وقيل معنى الدعاء هنا الطاعة ويؤيده حديث النعمان بن بشير أن الدعاء هو العبادة أخرجه أصحاب السنن بسند جيد
-بني الإسلام على خمس أي على خمس دعائم، وفي رواية لمسلم على خمسة أي أركان وهي:
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان
¥