تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا: ((أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها)) " نعم الخمس الرضعات هي الحد عند الجمهور، ولكنه كبير، لا يرى الجمهور أن رضاعه ينشر الحرمة إلا أن هذه القصة خاصة به، ولا تصلح لغيره، ولا يقاس عليه غيره، وكانت تراه ابناً من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين، فكانت ترى أن رضاع الكبير ينشر الحرمة مطلقاً، هذا قول عائشة، شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنه ينشر الحرمة عند الحاجة، يعني مثل حال سالم مولى أبي حذيفة، يعني نظير ما قال في أضحية أبي بردة، أبو بردة ضحى قبل الصلاة، فقال: هذه ما تجزئ، يعني ضح بغيرها، فلم يجد إلا جذعة، فقال: ((اذبح الجذعة، ولن تجزئ عن أحد بعدك)) ولن تجزئ، شيخ الإسلام يقول: من كان حاله مثل حال أبي بردة تجزئ، ضحى قبل الصلاة وما عنده غير هذه الصغيرة يضحي بها، فشيخ الإسلام رحمة الله عليه يرى التخصيص بالأحوال لا التخصيص المطلق بالرجال.

وقال الشيخ في تفسير الجلالين:

يعني الخلاف مثلاً في رضاع الكبير يجوز وإلا ما يجوز؟ عائشة تقول: يجوز مطلقاً، ويحرم، والجمهور يقولون: لا يحرم، ولا قيمة له مطلقاً، يعني من جاء بقولٍ وسط بين هذين القولين فقال: إنما جوازه للحاجة، حينما قيد هذا التحريم بالحاجة خالف قول عائشة؛ لأنها أطلقت، وحينما قال بأنه ينشر الحرمة خالف قول الجمهور، يكون جاء بقولٍ جديد أو ملفق بين القولين؟ وهذا اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله-، أنا أسأل سؤال؛ لأنه على الخلاف أيضاً في إحداث قولٍ ثالث بعد الاتفاق على قولين هل لعالمٍ من العلماء أن يحدث قولاً ثالثاً، يعني إذا انحصرت أقوال العلماء في قولين مثلاً فجاء عالم فلفّق من القولين أو من غيرهما قول ثالث، باعتبار أن خلافهم، وعدم الاتفاق على قولٍ واحد يجعل الإنسان في سعة أن ينظر في النصوص ويرجح ما يشاء، إذا كان أهل للنظر، وباعتبار أنه جاء بقولٍ لم يسبق إليه فقد تولى غير سبيل المؤمنين؛ لأن المؤمنين اتفقوا على قولين فقط فأحدث ثالث، احدث قول غير أقوال من تقدموا، المسألة خلافية، لكن المتجه؟

طالب: .......

كيف؟ هو ما في شك أن الحجة الملزمة التي لا تجوز مخالفتها الإجماع، فهل حصل إجماع لنسد الباب على من جاء بعد هذا الإجماع؟ هذا الاتفاق؟ حصل إجماع وإلا لا؟ ما حصل إجماع، فمن أتى بقول وهو من أهل النظر، نظر في الأدلة فجاء بقول ولا هناك ما يعارضه ولا ما يخالفه، يعني أن الأمة في وقتٍ من الأوقات ظلت عن الحق، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله- حينما قال بأن رضاع الكبير يحرم وينشر والحرمة للحاجة، قيّد قول عائشة نظراً لحال الواقعة التي حصلت، سالم مولى أبي حذيفة احتيج إليه فأرضع، وعلى هذا من عنده سائق يحتاج إليه يجعل أحد محارمه ترضع هذا السائق، ويرتاحون منه، أو نقول: إنه لا رضاع إلا في الحولين، ورضاع الكبير لا ينشر الحرمة ولا قيمة له ((إنما الرضاعة من المجاعة)) وغير ذلك من النصوص، التقييد بالحاجة ما قال به أحد، ولذا شيخ الإسلام تنقسم اختياراته إلى أربعة أقسام: القسم الأول عُد فيها أنه خالف فيها الإجماع، مسائل قال بها شيخ الإسلام وندر فيها المخالف حتى نسب إلى شيخ الإسلام أنه خالف الاتفاق، والقسم الثالث: خالف فيها الأئمة الأربعة كلهم، القسم الثالث: خالف المشهور من المذهب، الرابع: خالف المذهب، المقصود أن شيخ الإسلام وهو إمام من أئمة المسلمين، وإحاطته واطلاعه على أقوال العلماء من السلف والخلف من المعاصرين ومن تقدمهم، إضافةً إلى أحاطته بالنصوص، شيء لا يمكن أن يقدح به في مثل هذا المجال، حتى سئل محمد رشيد رضا في فتاويه عن شيخ الإسلام هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أو هم أعلم منه؟ نعم، فصّل، فقال: لكونه تخرج على كتبهم، وكتب أتباعهم فلهم الفضل عليه من هذه الحيثية، وكونه أحاط بكلامهم كلهم، وكلام أتباعهم فهو أوسع منهم، وأشمل وأعلم من هذه الجهة، المقصود أن هذا يمكن أن يقال في غيره ممن جمع أطراف العلوم، لكن إحاطة شيخ الإسلام شيء لا .. ، مذهل، إحاطته بالأقوال من النصوص والآثار، وأقوال المخالفين، والأقوال التي قد لا يستطيع الإنسان ولا حكايتها من أهل الخلاف والشقاق.

وقال حفظه الله:

الرضاع بعد الحولين، في قصة سالم مولى أبي حذيفة، احتاجوا إليه، احتاجوا إلى المولى هذا فأرضعوه وهو كبير، وجاء الدليل على ما يدل على الاختصاص به، وأن الرضاع لا يكون إلا في الحولين، وأن هذا خاص بسالم مولى أبي حذيفة، وعائشة تجيزه مطلقاً رضاع الكبير، وشيخ الإسلام يخصه بالحاجة، يعني إذا كانت الحاجة قائمة وداعية مثل الحاجة التي دعت إلى إرضاع سالم مولى أبي حذيفة يرضع وينفع، فلا شك أن شيخ الإسلام يعمل الأحوال وينزلها منازلها، ولو دل الدليل على الاختصاص، فيكون اختصاص أحوال لا اختصاص أشخاص.

والله الموفق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير