[زواج المسيار ... خلاصة كلام الفقهاء فيه]
ـ[صالح الرشيد]ــــــــ[29 - 05 - 10, 11:06 م]ـ
المختصر المفيد في معرفة
زواج المسيار وأحكامه
مقدمة
الحمد لله رب العلمين، وصلى الله وسلم وبارك على من بعثه الله رحمة للعالمين، فأتم بمبعثه بناء الأنبياء والمرسلين، أرسله الله بأيسر شريعة وأتمها، وآتاه الله من الفضائل مالم يؤت أحدًا من الأنبياء قبله، فنحمد الله على أن جعلنا من أمته، ووفقنا لاتباع هديه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان. أما بعد:
فهذه أوراق جمعت فيها ما يعطي القارئ تصوّرًا كافيًا عن زواج المسيار، ثم عرضت لأقوال الفقهاء وأدلتهم باختصار، ويمكن للناظر بعد ذلك أن يخرج بالقول الراجح ـ إن شاء الله ـ علمًا أن المسألة تبدو يسيرة، ولكنك إذا قرأتها علمت أن من العلماء الكبار من اختلفت فتواه فيها،ومنهم من توقف، فلم يفت فيها بشيء، فإليك مباحث المسألة مرتبة:
المبحث الأول: تعريف زواج المسيار:
في اللغة: من سار، سيرا، والسير هو المضي في الأرض، وسمي المسيار بهذا؛ حيث إن الرجل يسير إلى زوجته في أي وقت شاء ولا يطيل المكث عندها ولا يقر. (مجلة الأسرة بحث أحمد التميمي.العدد46)
وفي الاصطلاح: هو صورة للزواج الشرعي المستوفي للشروط والأركان اللازمة، ولكن تتنازل فيه الزوجة عن بعض حقوقها وباختيارها.
وعرفه المجمع الفقهي برابطة العالم في دورته الثامنة عشرة بأنه: "إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم، أو بعض منها، وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار. (زواج المسيار لمحمد طعمه القضاة ص2، الزواج العرفي لعبد الملك المطلق ص319 وشرح فقه النوازل لسعد الخثلان ص143).
تنبيه: ما يسمى بنكاح (الأصدقاء) هو في الحقيقة شبيه بنكاح المسيار، لكن على الطريقة الأوروبية؛ إذ ليس فيه نفقة ولا سكنى، ولكن في المسيار قد تهيئ المرأة لنفسها سكنا أو يهيئه لها أهلها،أو زوجها، أما في زواج الأصدقاء: فليس هناك سكن أصلاً، وإنما يلتقيان إما في بيت الأهل، أو في أي مكان.
وبهذا يُعلم أن الحكم في المسيار والأصدقاء واحد؛ لأنهما يجتمعان في أن الزوجة تتنازل عن حقها في القسم، والنفقة، والسكنى ... وسيأتي بيان أقوال العلماء في المسألة. (ينظر شرح فقه النوازل للخثلان ص 145)
المبحث الثاني: كيفية كتابة هذا العقد، ونشأته ومسمياته:
تنازُلُ المرأة - في زواج المسيار - عن حقها في القسم والنفقة، غالبًا أنه لا يُثبَت في العقد، وإنما يُكتب العقد ويوثق، على أنه زواج عادي من دون ذكر أي شرط فيه، وما كان بينهما من شروط، تكون على التراضي فقط، وبهذا تحفظ حقوق الزوجة والأولاد من الضياع.
أما عن نشأته: فإنه لم يمض عليه وقت طويل، فقد عُرف بهذا الاسم منذ عدة سنوات، فأول ظهوره كان في منطقة القصيم، فقد كان هناك وسيط زواج هو فهد الغنيم، لجأ إليه لتزويج النسوة اللاتي فاتهنّ قطار الزواج الطبيعي، أو المطلقات. (مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق. لأسامة الأشقر. ص167.دار النفائس)
ويسمى هذا الزواج بـ (زواج الفحول) تشبيهًا بالفحل الذي يطرق الإناث ثم يعود.
ولهذا الزواج صورة مشابهة من عشرات السنين، يسمونها الزواج (السرّي) أو (الخفي) ويسمونه أيضًا (الخميس) حيث يذهب الزوج للزوجة يوم الخميس، أما سائر الأيام فيكون عند الأولى.
ويلحظ في كتب الفقه، أنه كانت هناك حالات مشابهة لهذا الزواج قديمًا، ولذلك نجد كتب الفقه القديمة تتحدث عن شرط إسقاط النفقة والقسم، فقد عرض ابن قدامة لحالات تشابه هذا النوع، فذكر حالة رجل شرط على امرأته أن يبيت عندها كل جمعة ليلة. (المغني 7/ 450)
وعليه: فيتبين لنا أن زواج المسيار،وإن كان حديثًا في الاسم، إلا أنّ له صورًا قد تكون مشابهة في الزمن الماضي، ولكن اجتماع صوره، وبهذا الاسم فلم يكن موجودا عند الفقهاء المتقدمين، وبهذا الاعتبار يسمى نازلة تحتاج إلى نظر ودراسة. (ينظر الزواج العرفي. للمطلق. ص324)
فرع: ونختم هذا المبحث بذكر بعض أسباب نشأة هذا النوع من الزواجات:
¥