منها: العنوسة المنتشرة: ففي مصر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن تسعة ملايين شاب وفتاة تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين من دون زواج وقد وصل عدد الإناث إلى أربعة ملايين، وفي السعودية: نسبة النساء اللاتي تجاوزن سن الثلاثين دون زواج قيل 4%، وبعض الباحثين يزيد على هذا التقدير بكثير، والله أعلم بحقيقة الأمر. وهذا على سبيل المثال ولتصور الواقع. (موقع لها أون لاين، وإحصائيات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية).
ومنها باختصار: الطلاق المتزايد، وارتفاع المهور وتكاليف الزواج والمعيشة، فزواج المسيار في الحقيقة يعالج ضررًا أكثر من تحقيقه للمنفعة.
مسألة: الفرق بين زواج المسيار وبين الزواج العرفي:
الفرق هو ثبوت حق النفقة والمبيت في الزواج العرقي، وعدم ثبوته في المسيار، وقد يكون زواج المسيار عرفيًّا،حينما لا يسجل لدى الدوائر القضائية. (مستجدات في الزواج والطلاق. لأسامة ابن عمر الأشقر. ص165)
المبحث الثالث: حكم نكاح المسيار:
اختلف الفقهاء في حكم زواج المسيار على ثلاثة أقوال:
القول الأول: المجيزون، أو المجيزون مع الكراهة وأنه خلاف الأولى: وممن قال بهذا: الشيخ عبد العزيز بن باز، وابن جبرين، والمفتي عبد العزيز آل الشيخ، وبه قال غالبية العلماء الذين تكلموا في المسألة، وهو الذي أقره مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، وممن قال بإباحته مع الكراهة: القضاوي وابن منيع. وأبرز أدلتهم:
1. أنه زواج مستكمل لجميع أركانه وشروطه، ففيه الإيجاب والقبول،والتراضي، والولي، والشهود، والمهر.
2. ما جاء في الصحيح عن عائشة أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. (البخاري5212 ومسلم 1463ولفظه للبخاري)
وجه الاستدلال: أن سودة عندما وهبت يومها لعائشة، ومن ثَم قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك، يدل أن من حق الزوجة أن تسقط حقها الذي جعله الشارع لها، كالمبيت والنفقة، ولو لم يكن جائزًا لما قبل الرسول صلى الله عليه وسلم إسقاط سودة ليومها.
3. أن في هذا النوع من النكاح مصالح كثيرة، فهو يقلل من العوانس، وكذلك المطلقات والأرامل، وإعفاف المرأة مطلب ضروري ومشروع، وقد ترزق الزوجة منه بالولد، فإذا أمكن للرجل أن يساهم في ذلك كان عمله مبرورًا مأجورا. (تنظر الأقوال والاستدلالات في كتاب أسامة الأشقر. ص177 والزواج العرفي للمطلق. ص331 والدورة 18لمجمع الفقه برابطة العالم.)
القول الثاني: المانعون: فذهب بعض العلماء إلى تحريم هذا الزواج، ومنهم: محمد ناصر الدين الألباني، وعبد العزيز المسند، وعمر الأشقر، وعلي القره داغي، وغيرهم. (كتاب أسامة الأشقر ص 179) وأبرز أدلة المانعين من زواج المسيار ما يأتي:
1. أن العقد في المسيار، يقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد، كشرط تنازل المرأة عن حقها في القسم، والنفقة، ونحو ذلك، وهذه من الشروط فاسدة،وقد تفسد العقد.
نوقش هذا الدليل: أن الأئمة الأربعة أثبتوا الخيار للمرأة في قبول العنّين والمجبوب الذي لا يستطيع الوطء، قال الشافعي: "وللمرأة الخيار في المجبوب وغير المجبوب من ساعتها؛ لأن المجبوب لا يجامع أبدا والخصي ناقص عن الرجال وإن كان
له ذكر إلا أن تكون علمت فلا خيار لها " (مختصر المزني. دار المعرفة 178)
فإذا كان لها حق قبول المجبوب الذي لا يحصل به الاستمتاع مطلقًا، فمن باب أولى أن يثبت لها الحق في إسقاط ما هو أقل منه من النفقة والسكنى.
بل ذكر الفقهاء أنه يجوز للزوجة أن تسامح زوجها عن حقها في القسم والنفقة ليمسكها وتبقى في عصمته، وليرضى عنها، كما رواه ابن ماجه (1973وضعفه الألباني) في قصة هبة صفية يومها لعائشة مقابل أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
ويمكن أن يقاس عليه: أن تسقط المرأة في القسم لتحصل على زوج.
2. أنه مبني على الإسرار وكتمان العقد، وعدم إطلاع الناس عليه، والأصل في الزواج الإعلان.
ونوقش: بأن هذا الزواج يحصل فيه الإعلان الواجب، ولا يلزم منه أن يطلع عليه جميع الناس، بل إنه يصح عند الجمهور بوجود شاهدين اثنين وولي المرأة، فلم يكن المسيار نكاح سر ما دام أن الشهود قد وجدوا فيه.
¥