صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ , فَلَمْ تَسْقُطْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالظُّهْرِ مَعَ الْعِيدِ. وَلَنَا , مَا رَوَى إيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيُّ , قَالَ: {شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ , ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ , فَقَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ , وَلَفْظُهُ {مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ}. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ {: اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ , فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ , وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ}. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا زَادَتْ عَنْ الظُّهْرِ بِالْخُطْبَةِ , وَقَدْ حَصَلَ سَمَاعُهَا فِي الْعِيدِ , فَأَجْزَأَ عَنْ سَمَاعِهَا ثَانِيًا , وَلِأَنَّ وَقْتَهُمَا وَاحِدٌ بِمَا بَيَّنَّاهُ , فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالْجُمُعَةِ مَعَ الظُّهْرِ , وَمَا احْتَجُّوا بِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ , وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِالظُّهْرِ مَعَ الْجُمُعَةِ , فَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ} وَلِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَامْتَنَعَ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ , وَمَنْ يُرِيدُهَا مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ , بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ. (1382) فَصْلٌ: وَإِنْ قَدَّمَ الْجُمُعَةَ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ , فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ , قَالَ: تُجْزِئُ الْأُولَى مِنْهُمَا , فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْعِيدِ وَالظُّهْرِ , وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَى الْعَصْرِ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَ الْجُمُعَةَ فِي وَقْتِ الْعِيدِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد , بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ: اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ: عِيدَانِ قَدْ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ , فَجَمَّعَهُمَا وَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً , فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ فِعْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إلَى تَقْدِيمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ , فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَسَقَطَ الْعِيدُ , وَالظُّهْرُ , وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا سَقَطَتْ مَعَ تَأَكُّدِهَا , فَالْعِيدُ أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِهَا , أَمَّا إذَا قَدَّمَ الْعِيدَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ.) انتهى كلامه.
و في خاتمة هذا البحث المختصر فلك هذه الفذلكة:
1: صح حديث إجازة ترك الجمعة لمن صلى العيد من المأمومين و أن الأفضل أن يصليها مع الإمام ..
2:الراجح أن الجمعة تسقط عمن صلى العيد من المأمومين ..
3: لا تسقط صلاة الظهر بأي حال من الأحوال , بل يجب إقامتها لكن لا في المساجد بل في البيوت, و الذي يظهر جواز ان تصلى جماعة في البيوت دون المساجد لعموم فضل صلاة الجماعة ..
4: على الإمام أن يقيم صلاتي الجمعة و العيد جميعا ..
5: من فاتته صلاة العيد فلا يجوز له ان يترك صلاة الجمعة أبدا ..
6: يحمل فعل ابن الزبير على ترك الخروج للناس و الصلاة بهم صلاة الجمعة أو الظهر على أنه صلى الظهر في البيت ..
هذا و الله اعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد ..
2/ 2/1431هـ
المراجع: 1: فتح الباري مع هدي الساري لابن حجر ..
2: صحيح سنن أبي داوود للإمام الألباني.
3: التمهيد للحافظ ابن عبدالبر النمري الأندلسي.
4: الجامع لأحكام القران للقرطبي ..
5: النكت على التهذيب لابن باز.
6: غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام للعبيكان.
7: بلوغ المرام لابن حجر.
8: توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام للبسام.
9: تيسير العلام شرح بلوغ المرام للفوزان.
10:فتاوى الفوزان.
11: وبل الغمامة شرح العمدة في الفقة للعلامة عبدالله الطيار.
12:نيل الأوطار للشوكاني بتحقيق محمد حلاق.
13:تحفة الأخيار للطحاوي.
14: المحلى لابن حزم ..
15: المغني لابن قدامة ..
16:فتاوى ابن عثيمين.
17:فتاوى ابن تيمية.
18:الاختيارات الفقهية للإمام الألباني لإبراهيم أبو شادي.
19:بحث للشيخ العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله تعالى ..
20: الدرر السنية في الفتاوى النجدية لابن قاسم.
21: الأفنان الندية لشرح السبل السوية لفقه السنن المروية لزيد المدخلي.