تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مناقشة هذا الدليل: نوقش بأنه حكاية فعل، وذلك لا يدل على الوجوب بل على الاستحباب (شرح الخرقي 2/ 174) , وقال القاضي عياض (إكمال المعلم: 3/ 257): (وأما ظاهر الآية فلا دليل فيها إلا من جهة إثبات القيام للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويحمل ذلك على أن المراد به أنه كان قائماً يخطب، وأن أفعاله على الوجوب، مع اتفاقهم على كونه مشروعاً).

وأما التأسي به واتباعه وأخذ ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - فهو حسب صيغة ما جاء، فما جاء بصيغة الأمر وجب العمل به، وما جاء بصيغة الاستحباب أو مجرد فعل كهذا فإنه يستحب العمل به ولا يجب، وأما الأمر بالصلاة كما صلى فإن الخطبة ليست صلاة، وفي الاستدلال به على الوجوب خلاف.

ثانيا: من السنة:

1 - ما رواه جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن قال: إنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فلقد والله صليتُ معه أكثر من ألفي صلاة» رواه مسلم: (862).

قال النووي (شرح مسلم:6/ 126): " وفي هذه الرواية دليل لمذهب الشافعي والأكثرين أن خطبة الجمعة لا تصح من القادر على القيام إلا قائماً في الخطبتين ".

وقال ابن حجر (فتح الباري:2/ 401): (وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر إلا أن إٍٍ سناده ليس على شرط البخاري).

ولا شك أن هذا الحديث يدل على مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على القيام حال الخطبة.

2 - ما رواه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:

«كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائما، ثم يقعد، ثم يقوم، كما تفعلون الآن» رواه البخاري: (920) , ومسلم: (861).

3 - ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائماً يوم الجمعة، فجاءت عير الشام , فانفتل الناس إليها , حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً.» رواه مسلم: (836)

وفي لفظ: «بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قائم يوم الجمعة إذ قدمت عير إلى المدينة. . .» الحديث , رواه مسلم: (863).

وجه الدلالة من الحديثين: قال في التمام بعد الاستدلال بهما (1/ 233 – 234).

: " وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تعلق بالقرينة وجب الاقتداء به؛ لقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ}.

قال الحجيلان: (خطبة الجمعة:62): (ولم يبيّن القرينة، ولعل المواظبة الكاملة التي دل عليها حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قرينة مع ما سبق).

4 - ما رواه طاووس قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً، وأبو بكر قائماً، وعمر قائماً، وعثمان قائماً، وأول من جلس على المنبر معاوية بن أبي سفيان " أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: (2/ 112).

وطاوس تابعي فالحديث مرسل.

قال في فتح الباري: (2/ 401) - في معرض استدلاله بهذه الأدلة وتوجيهها -: " وبمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على القيام، وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعاً في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس , ولأن الذي نقل عنه القعود كان معذوراً".

وقال الصنعاني (سبل السلام 2/ 118): (الحديث دليل على أنه يشرع في الخطبة أن يخطب قائماً ... ).

ثالثا: من آثار الصحابة:

1 - تقدم ما رواه طاووس عن أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، وقد ورد بلفظ: " لم يكن أبو بكر ولا عمر يقعدون على المنبر يوم الجمعة، وأول من قعد معاوية ".

2 - ما جاء عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا، فقال: " انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا، وقال الله - تعالى -: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} سورة الجمعة (11). " رواه مسلم: (684).

وفي رواية عند ابن خزيمة: " ما رأيتُ كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب , وهو جالس "، يقول ذلك مرتين.

قال القاضي عياض (3/ 257): (هذا الذم وإطلاق الخبيث عليه يشير إلى أن القيام عندهم كان واجباً). أ. هـ.

.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير