تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن العربي المالكي (عارضة الأحوذي 2/ 295 – 296).عن الاستدلال بكل ما سبق: " وملازمة النبي - صلى الله عليه وسلم- والصحابة القيام أصل في الوجوب، والعمدة قول الله - تعالى -: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} فذمهم، وذلك دليل على الوجوب المختص به، ولا سيما وقد قلنا إنه عوض عن الركعتين، والقيام واجب في العوض فوجب في المعوض).لكن القول بأن الخطبتين بدل عن الركعتين محل نظر.

رابعا: من المعقول:

أن الخطبة أحد فرضي الجمعة، فوجب فيها القيام والقعود، كالصلاة (المجموع 4/ 514).

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدلوا بأدلة من الكتاب، والسنة، وآثار الصحابة، والمعقول.

أولا: من الكتاب:

قول الله - سبحانه وتعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. . . . الآية سورة الجمعة (9).

وجه الدلالة: أن الله - تعالى - أطلق الذكر في الآية ولم يقيده بحال القيام، والمقصود يحصل بدونه، فدل على عدم اشتراط القيام حال الخطبة (شرح الزركشي على الخرقي 2/ 174).

مناقشة هذا الدليل: يناقش من وجهين:

الوجه الأول: أن الله - سبحانه وتعالى - بيّن بعد هذه الآية أن هذا الذكر في حال القيام، وذلك في قوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} سورة الجمعة (11).، فكأنه تقييد لما قبله.

الوجه الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بهذا الذكر قائما , وواظب على ذلك، وكذلك الخلفاء كما تقدم في أدلة أصحاب القول الأول، وذلك بيان لإطلاق الآية.

ثانيا: من السنة:

1 - ما روي أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - وقد امتروا في المنبر مِمَّ عُوده؟ فسألوه عن ذلك، فقال: «والله إني لأعرف مما هو، ولقد رأيتُهُ أول يوم وضِعَ، وأول يوم جلس عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل - مُرِي غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمتُ الناس، فأمرته، فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بها فوُضِعتْ هاهنا، ثم رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى عليها، وكبَّر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما صنعتُ هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي» أخرجه البخاري: (917) الشاهد من الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أجلس عليهن إذا كلمتُ الناس».

والحديث واضح الدلالة حسب قولهم.

مناقشة هذا الدليل: نوقش بأنه يحتمل أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد، وبين الخطبتين.

2 - ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يومٍ على المنبر وجلسنا حوله» الحديث أخرجه البخاري: (921).

وهذا الحديث واضح الدلالة حسب قولهم.

مناقشة هذا الدليل: نوقش بأن هذا في غير خطبة الجمعة، فلا دليل فيه

قال الصنعاني (سبل السلام 2/ 121): (فقد أجاب عنه الشافعي أنه كان في غير الجمعة) , وقال ابن حجر (فتح الباري 2/ 401): (ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالباً، ولا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه، إذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال الخطبة أولى لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها، والله أعلم).

3_ عن محمد بن راشد قال: حدثنا سليمان بن موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة قياماً لا يقعدون إلا في الفصل بين الخطبتين، وأول من جلس معاوية، فلما كان عبدالملك خطب قائماً , وضرب برجله على المنبر وقال: هذه السنة، فلما طال عليه الأمر جلس بعد (انظر: أخرجه عبدالرزاق في مصنفه: (3/ 188). أ.هـ.

و هذا الحديث مرسل، فسليمان بن موسى ليس صحابيّاً.

ثالثاً: من آثار الصحابة:

1 - ما روي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: (أنه كان يخطب قاعداً) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (5262).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير