تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لو ورد في الشرع " إن الله يأمر بكذا " هل هذا نص في الوجوب أم يجري فيه الخلاف ك"افعل"]

ـ[مجدي فياض]ــــــــ[05 - 02 - 10, 02:28 ص]ـ

لو ورد في الشرع " آمركم بكذا " أو " إن الله يأمر بكذا " هل هذا نص في الوجوب أم يجري فيه الخلاف كصيغة " افعل "

قال الله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى "

وقال تعالى مادحا للأمة " تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"

وقال تعالى على لسان لقمان " وأمر بالمعروف وانه عن المنكر"

المتبادر أن صيغة " يأمر بكذا " أو " آمركم بكذا " نص في الوجوب يشبه " كتب عليكم " وأشباه تلك العبارات التي هي نص في الوجوب , لكن الإشكال أن الإحسان منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب وكذلك المعروف منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب.

فلو قلنا أن صيغة " يأمر " نص في الوجوب فإنه يجب علينا أن نحمل المعروف والإحسان في الآيتين على الواجب فقط دون المندوب وبهذا نكون خصصنا عموم الآية بل وقصرنا المعنى العام الجميل الظاهر من الآيتين على بعض أفراد المعروف والإحسان!!

ولو قلنا بل المعروف والإحسان على عمومهما فيشملان الواجب والمندوب فيكون قد حملنا لفظ " يأمر " على حقيقيته ومجازه معا وبالتالي لم نجعل لفظ " يأمر " نص في الوجوب إذ ستكون " يأمر " على الوجوب في المعروف الواجب والإحسان الواجب وستكون " يأمر " على الندب فالمعروف المندوب والإحسان المندوب!!

وإما أن يقال المعروف والإحسان لا يكون إلا واجبا ولا يكون منه مندوب البتة , وعلى هذا لا يأتي الإشكال الوارد في صيغة " يأمر" وقد يتأيد هذا التفسير في الحديث " إن الله كتب الإحسان " ويؤيده " مقابلة المعروف بالمنكر إذ المنكر ليس منه ما هو مكروه بل كله محرم , لكن على هذا القصر لمعنى المعروف والإحسان نكون أيضا قصرنا المعنى العام الجميل الظاهر من الآيتين!!

فأي المسالك الثلاثة أقرب؟؟ ولماذا؟؟

وهل الراجح أن صيغة " يأمر " ظاهرة في الوجوب لكن تحتمل الندب مثل صيغة "افعل " أم هي نص على الوجوب لا تحتمل الندب مثل كتب وفرض ووجب؟؟

ملحوظة: هذا الخلاف لا يدخل في قوله تعالى " وأمر بالمعروف " ولا في قوله صلى الله عليه وسلم " مره فليراجعها " لأن لفظ الأمر هنا جاء على صيغة " افعل " وليس هذا هو محل الإشكال إذ محل الإشكال لو جاء الأمر بصيغة الخبر " يأمر بكذا " "آمركم بكذا "

وجزاكم الله خيرا

ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 02 - 10, 12:01 ص]ـ

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسوله وآله .. وبعد:

الأمر في اللغة له معان، فمنها: طلب الفعل، ومنها: الشأن، وهل دلالته عليها من باب المشترك أو الحقيقة والمجاز؟ خلاف. لكنه في مسألتنا يحمل على الطلب قطعا لوجود القرينة، فلا إشكال في هذا عند من يقول بالاشتراك.

ثم إن الطلب يحتمل الوجوب والندب، وهل ذلك على سبيل الاشتراك أو الحقيقة والمجاز؟ خلاف أيضا. فقيل: مشترك، وقيل: حقيقة في الوجوب مجاز في الندب، وقيل العكس.

لكن ينبغي التنبه هنا إلى أن من يقول بالاشتراك لا يقول بالوقف؛ وذلك أن ثمة قدرا مشتركا بين المعنيين وهو مطلق الطلب، فالإجمال عندهم حاصل فيما زاد على مطلق الطلب وهو الوجوب، فتوقفوا فيه. أما ألا يدل على الأمر أصلا فلا؛ لا من جهة الاشتقاق ولا من جهة المعنى. نعم، قد يرد الأمر بهذه الصيغة للإباحة، لكنه مجاز عند الجميع.

وعلى جميع الأقوال تكون دلالتها (أعني الصيغة) على الأمر ظاهرة لا نصية، لاحتمال إرادة المعنى الآخر، إما حقيقة وإما مجازا.

ولم يقل أحد -فيما أعلم-: إنها تدل على غير الطلب حقيقة.

نأتي الآن لـ (افعل كذا): هذه الصيغة تدل على الوجوب دلالة ظاهرة أيضا، لكنها دون ظهور (آمرك بكذا) ومراتب الظهور متفاوتة كما لا يخفى. ومن هنا توقف في (افعل) جماعة، إذ ليس هناك قدر مشترك يمكن القول به للانفصال عن الإجمال، فهي تحتمل حقيقة - عندهم - الوجوب والندب والتهديد والإباحة. ومن هنا أيضا فرق بعضهم بين الأمر بعد الحظر بصيغة (افعل) وصيغة (آمركم بكذا).

ومن هنا كذلك تعلم خطأ من رد على الواقفة بأن (افعل) تدل على مطلق الطلب، وهذا قدر مشترك بين الوجوب والندب فيلزمكم القول به! والصواب في الرد عليهم أن يبين أن (افعل) حقيقة في الأمر مجاز في غيره، لا يعدل بها عن الأمر إلا لقرينة، والأمر منه الواجب ومنه المندوب، فكان الأصل حملها على القدر المشترك وهو مطلق الطلب، ولكن دلت النصوص على حملها على الوجوب، فوجب حملها عليه.

فالخلاصة إذن: أن صيغة (آمرك بكذا) لا يجرى خلاف في وجوب حملها على الطلب، ويجري الخلاف في حملها على الوجوب أو الندب، وأما صيغة (افعل كذا) فيجري فيها الخلاف في حملها على الطلب أصلا. وظهر (آمركم بكذا) فوق ظهور (افعل كذا).

أما قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) فالعدل كله واجب، أما الإحسان فإننا نقطع أن منه الواجب ومنه المندوب، ولم تميز الآية ذلك، فوجب حمله على مطلق الأمر المتردد بين الندب والوجوب، ففي الآية نوع إجمال، يمكن الانفصال منه بحملها على القدر المشترك وهو مطلق الطلب، والذي يعين الوجوب أدلة أخرى.

ويرى بعض العلماء أن تحمل على الوجوب - لأنه الغالب على صيغة الأمر - مع التزام التخصيص -لأنه الغالب على العمومات-.

أرجو أن أكون أجبت عن الإشكال .. والحمد لله وحده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير