تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التذكرة على اتحاف البررة في حكم صلاة الجنازة داخل المقبرة]

ـ[عبد الله بن ادم الدلسي]ــــــــ[09 - 06 - 10, 11:58 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التذكرة على إتحاف البررة

[مسألة صلاة الجنازة في المقبرة]

المبحث الأول: في بيان كلام ابن عبد البر من التمهيد مع شيء من التعليق على كلام صاحب الإتحاف:

قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه. (رواه مسلم) , وهذا يخالف قول الكاتب: [وأنا أريد أن أحرر المسألة، وأذكر الراجح فيهابالأدلة لأنه كما قلت في المقدمة ظهر في هذه الآونة الأخيرة شباب ضاقتعليهم مسوغات الخلاف المتسعة وذلك لضيق عطنهم، فأصبحوا ينكرون كل قوليخالف ما هم عليه حتى لو كان قولهم شاذا بل لم يكتفوا بذلك حتى رموا منخالفهم فيما اختلف فيه السلف بالبدعة والضلال ... وما علم أن فعله هو المُجانبللصواب، وأن سنة المصطفىواضحة في هذا الباب كما سأبينه إن شاء الله] , والصواب الذي لا مرية فيه, أن المسألة المطروحة مسألة خلاف تعارضت ظواهر الأدلة فيها, فتحتاج إلى بعد نظر وبسط وجمع أثر يقول يحيى بن معين: "لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه". ويقول الإمام أحمد:"الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً". وقال علي بن المديني: "الباب إذا لم تجمع طرقه، لم يتبين خطؤه".

عليه فقد آثرت ذكر كلام ابن عبد البر كاملا مع الوقوف عند ما يحتاج إلى بيان وتوضيح, مع ما يعتري ويحيط بالعبد من ضعف وزلل ونسيان وسوء بيان. والله الموفق.

قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 259) عند شرحه لحديث أبي أمامة بن سهل عن أبيه:" ... واختلف الفقهاء فيمن فاتته الصلاة على الجنازة فجاء وقد سلم من الصلاة عليها وقد دفنت فقال مالك وأبو حنيفة لا تعاد الصلاة على الجنازة ومن لم يدرك الصلاة مع الناس عليها لم يصل عليها, ولا يصل على القبر وهو قول الثوري والأوزاعي والحسن بن حي والليث بن سعد وقال ابن القاسم قلت لمالك: فالحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على قبر امرأة, قال: قد جاء هذا الحديث وليس عليه العمل".

قلت: إن إبطال عمل أهل المدينة أو إجماع أهل المدينة عند الجمهور خلافا لمالك ليس بإطلاق, بل يجب الوقوف عنده والتريث في رده, ذلك لأن الاختلاف فيما يرجع إلى الأحكام الشرعية لم يقع كثيرًا إلا في المسائل الاجتهادية كاختلاف اجتهاد بعض الخلفاء، واختلاف الخلفاء الراشدين الذي هو من قبيل السنة لقوله عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عيها بالنواجذ", ثم إن مالكًا رحمه الله لا يَعتمد العمل به إذا كان مخالفًا للمروي الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يقول: كل كلام فيه مقبول ومردود إلا كلام صاحب هذا القبر –يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وهو القائل أيضا: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا ما في رأيي فما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق الكتاب والسنة من ذلك فاتركوه.

إلا أن الإمام -رحمه الله- يرى أن عمل أهل المدينة في مسألة اختلفت أو تضاربت الأدلة في شأنها؛ يُرجّح الخلاف ويوجب اختيار القول بعملهم على غيره من المذاهب، على أن الإمام كان إمامًا في الحديث عارفا بأسباب التجريح والترجيح, وما كان من البدع المستحدثة مما هو من السنة المتبعة، وقد شهد على صلاحه ومعرفته وعلمه بالسنة جمٌّ غفير وأناس كثير, وهو من أشد الناس عملا بالسنة ورفضًا للبدعة، أما ما ورد من الأحاديث المروية في الموطأ وغيره مما لم يأخذ بها الإمام مالك فلم يكن ذلك عن هوى وإنما كان عن معرفة وعلم ولا يكون إلا عن مستند صحيح ظهر له فهو الخبير بالصحيح من الحديث والسقيم، وهو حجة في هذا الباب وعالم أهل الحجاز ولم يبلغ أحد في زمانه مرتبته في العلم بالحديث والسنة والرجال، فكان من أشد الناس انتقادا لهم فلا يُبلّغ من الحديث إلا ما كان صحيحًا ولا ينقل إلا عن ثقة, وقد روى مائة ألف حديث جمع منه في موطئه عشرة آلاف ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويختبرها بالآثار والأخبار حتى وصلت إلى خمسمائة, وفي المدارك للقاضي عياض من الأدلة على ذلك ما يشفي الغليل,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير