[العرف عند علامة الصحراء الشيخ الولاتي الشنقيطي]
ـ[ام صفاء]ــــــــ[04 - 03 - 10, 02:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله
الموضوع:
ضوابط اعتبار الأعراف في الأحكام عند العلامة محمد يحيى الولاتي من خلال كتابه "حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف".
إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي
عضو الرابطة المحمدية للعلماء
أستاذة بكلية الشريعة- فاس-
من المعلوم أن العرف من المصادر الشرعية المعتبرة في الفقه الإسلامي عند جميع المذاهب وإن كانت تتفاوت في مدى هذا الاعتبار، قال الامام القرافي:" .. أما العرف فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها" [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)
كما أنه من الأمور اللازمة للقاضي والمفتي اعتبار الأعراف في الأحكام إذ كما قال الخوارزمي لابد لهما من معرفة أعراف الناس وإلا مضغهما الناس، ذلك أن هذا الاعتبار يظهر يسر الإسلام وسهولة الأحكام، وشمولها للحاجات الإنسانية المتجددة والمتغيرة، ومن ثم كان من شروط المجتهد أن يكون عارفا بأعراف الناس وعاداتهم ليكون عالماً بمواضع حاجاتهم وضروراتهم، ومواضع الحرج والمشقة فيهم. وكلما كان بأعراف الناس أعلم كان اتصاله بهم أمكن، وتعامله معهم أنجح، وتنزيل الأحكام عليهم أنجع. إلا أنه ما كل عرف يراعى عند العلماء في الأحكام، ولا كل الأحكام تراعى فيها الأعراف، فما هي ضوابط العرف المعتبر عند العلماء وشروط تحكيمه؟ ذلك ما حاول العلامة الولاتي بيانه وإيضاحه من خلال ما سطره في كتابه "حسام العدل والإنصاف القاطع لكل مبتدع باتباع الأعراف".
فقد رأى الشيخ الولاتي رحمه الله في قضاة ومفتي زمانه شيئا أنكره عليهم كثيرا [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2) وهو تحكيمهم للعرف دون نظر في ضوابط هذا التحكيم ولا في العرف المراد تحكيمه من حيث صحة اعتباره مسلكا للاستدلال، فعزم على تأليف كتاب يوضح فيه حقيقة العرف وأقسامه وكيفية إعماله وتحكيمه عند الفقهاء، يقول الشيخ الولاتي: "لما كثر الباطل وقل الصواب وُترِك العمل بالسّنة والكتاب، وانتصب للقضاء والافتاء كل مفتر كذاب واتُّبِعتِ العوائد الخفيفة والشنيعة وحسبها الجهال ناسخة للشريعة، مغترين بقول الفقهاء "العادة محكَّمة" ولم يدر الجاهلون أن تلك العوائد مخصصة لا معممة، أردت أن أضع كتابا يرشد إلى تبيان حقيقة العرف وتقسيمه وكيفية إعماله عند الفقهاء في الأحكام الشرعية وتحكيمه ويميز بين عرف الشارع وعرف الناس وما يحكَّم فيه كل منهما من الأحكام الشرعية عند العلماء الأكياس" [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3).
و قد رّتب رحمه الله الكتاب على مقدمة وأربعة فصول "معتمدا في ذلك على ما حرره الأئمة مما تلقوه من الكتاب والسنة".
فالمقدمة جعلها في بيان معنى العرف في اللغة والشريعة ... والفصل الأول في بيان حقيقة عرف الشارع وتقسيمه وكيفية إعماله وتحكيمه، وأما الفصل الثاني ففي بيان عرف الناس الفعلي و القولي وما يحكَّم فيه كل منهما عند ذي العلم الجلي، والفصل الثالث في بيان العرف الذي إذا صحب القول الضعيف صححه وأوجب تقديمه على المشهور ورجحه، والفصل الرابع في بيان بعض ما ورد في ذ?م مّتبع العادة بلا برهان من الأحاديث النبوية الصحيحة وآيات القرآن، وأما التتمة ففي بيان أقل شروط من يجوز له القضاء والإفتاء في دين الله من أحكام، وبيان مراتب العلماء الذين أوتوا مرتبة ارتفعوا بها عن درجة العوام، وبيان ما يجب الإفتاء به والقضاء من الأحكام.
وسأحاول بحول الله في هذه الورقة تقديم زبدة ما أراد رحمه الله بيانه وإيضاحه في كتابه، وأسأل الله تعالى التوفيق.
- معنى العرف لغة واصطلاحاً:
أولاً: معنى العرف في اللغة:
العُرْف بضم العين وسكون الراء، جمعه أعراف، له عدة معان منها:
- المعروف الذي تعارفه الناس.
- ما كان ضد المنكر.
- السكون والطمأنينة.
- الصبر.
- تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض.
- الظهور والوضوح.
- العلو والارتفاع. [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)
والعُرْفُ: المعروف، سُمَّي بذلك لأنَّ النفوس تسكن إليه.
أبى الله إلا عدله ووفاءه فلا الشكر مَعْروف ولا العُرْف ضائع [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)
¥