[نسخ الكتاب بالسنة]
ـ[ابن عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 03 - 10, 12:33 م]ـ
السلام عليكم حياكم الله وأحياكم وعافاكم أما بعد فإن نسخ القرآن بالسنة من المسائل المختلف فيها وما ذكره الإمام الجويني على مذهب الإمام الشافعي هو عدم جواز ذلك وهو خلاف مذهب الجمهور فنرجوا تأصيلا في المسألة يشفي الغليل كون هذه المسألة أثارت إشكالا عند طلبة العلم
ـ[أبو عمر بن محمد أحمد]ــــــــ[25 - 03 - 10, 10:58 ص]ـ
الأخ الفاضل ابن عبد الحميد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المشهور من مذهب الشافعية منع نسخ السنة للكتاب مطلقا وهذا مروى عن الإمام رحمه الله تعالى بإستفاضه
أما مخالفتهم للجمهور فى هذه المسألة فعلى تفصيل:
فمذهب الجمهور على جواز نسخ الحديث المتواتر للقرأن دون حديث الأحآد
وهذه فوائد من كلام الشنقيطى رحمه الله تعالى فى المذكرة
التحقيق جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة ووقوعه، ومثاله نسخ آية خمس رضعات بالسنة المتواترة ونسخ سورة الخلع وسورة الحفد بالسنة المتواترة.
وأمثال ذلك كثيرة والجواب عن الاستدلال بالآية الكريمة هو أن كلا من الناسخ والمنسوخ من عند الله تعالى، فهو الناسخ للحقيقة ولا يقدر على ذلك غيره كما بينه بقوله تعالى:"قال الذين لا يرجون لقاءنا أئت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي أن أتبع الا ما يوحى إلي إني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم " ولكنه يظهر النسخ على لسان رسوله e ، ثم أتى بآية أخرى مثلها كان حقق وعده فلم يشترط الاولى على لسان نبيه بوحي غير القرآن ثم بعد نسخها يأتي بآية أخرى مثلها ولا تنافي بين هذا وبين ظاهر الآية الكريمة كما ترى، وقد قال بعض العلماء ليس المراد الاتيان بنفس آية أخرى خير منها بل المراد نأتي بعمل خير من العمل الذي دلت عليه الاولى أو مثله والله تعالى أعلم.
والحديث الذي أورد عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً (القرآن ينسخ حديثي وحديثي لا ينسخ القرآن) الظاهر أنه غير صحيح وثبوت نقيضه بالسنة الثابتة مما يدل على عدم صحته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:ـ
(فصل)
فأما نسخ القرآن والمتواثر من السنة بأخبار الآحاد فهو جائز عقلاً اذا لا يمتنع أن يقول الشارع تعبدناكم بالنسخ بخبر الواحد وغير جائز شرعاً إلى آخره حاصل ما ذكره في هذا المبحث أن نسخ المتواتر بالآحاد جائز عقلاً وأما شرعاً ففيه ثلاثة أقوال:
الأول: ان المتواتر من كتاب أو سنة لا ينسخ بخبر الآحاد مطلقاً وهذا هو الذي نصره المؤلف، وعلى هذا القول جمهور أهل الأصول وعليه درج في المراقي بقوله:
والنسخ بالآحاد للكتاب ليس بواقع على الصواب
وحجة هذا القول أن المتواتر قطعي المتن وخبر الآحاد دونه رتبة والأقوى لا يرفع بما هو دونه في الرتبة واستدل له المؤلف بقول عمر رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت.
قال مقيده عفا الله عنه:
التحقيق الذي لا شك فيه هو جواز وقوع نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه والدليل الوقوع.
أما قولهم أن المتواتر أقوى من الآحاد والأقوى لا يرفع بما هو دونه فانهم قد غلطوا فيه غلطاً عظيماً مع كثرتهم وعلمهم وايضاح ذلك أنه لا تعارض البتة بين خبرين مختلفي التاريخ لا مكان صدق كل منهما في وقته وقد أجمع جميع النظار أنه لا يلزم التناقض بين القضيتين الا اذا اتحد زمنهما أما ان اختلفا فيجوز صدق كل منهما في وقتها، فلو قلت النبي e إلى بيت المقدس وقلت أيضاً لم يصلي إلى بيت المقدس وعنيت بالأولى ما قبل النسخ وبالثانية ما بعده لكانت كل منهما صادقة في وقتها ومثال نسخ القرآن بأخبار الآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه نسخ اباحة الحمر الأهلية مثلاً المنصوص عليها بالحصر الصريح في آية " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة " الآية. بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها عنه لأن الآية من سورة الأنعام وهي مكية أي نازلة قبل الهجرة بلا خلاف وتحريم الحمر الأهلية بالسنة واقع بعد ذلك في خيبر ولا منافاة البتة بين آية الأنعام المذكورة وأحاديث تحريم الحمر الأهلية لاختلاف زمنهما، فالآية وقت نزولها لم يكن محرماً إلا الأربعة المنصوصة فيها وتحريم الحمر الأهلية طارئ بعد ذلك والطروء ليس منافاة لما قبله وانما تحصل المنافاة بينهما لو كان في الآية ما يدل على نفي تحريم شيء في المستقبل غير الأربعة المذكورة في الآية وهذا لم تتعرض له الآية بل الصيغة فيها مختصة بالماضي لقوله:" قل لا أجد فيما أوحي إلي" بصيغة الماضي ولم يقل فيما سيوحى إلي في المستقبل وهو واضح كما ترى والله أعلم. وأما آية الوصية للوالدين والأقربين فالتحقيق أنها منسوخة بآية المواريث والحديث بيان للناسخ وبيان المتواتر لا يشترط فيه التواتر كما تقدم والحديث يشير إلى أن الناسخ لها آيات المواريث لأن ترتيبه e نفى الوصية للوارث بالفاء على اعطاء كل ذي حق حقه يعني الميراث في قوله e ( ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) يدل على ذلك.
وأما قول عمر رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا الخ، فالحق في ذلك ليس معه رضي الله عنه بل مع المرأة المذكورة وهي فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت ا ن زوجها طلقها آخر ثلاث تطليقات فلم يجعل لها رسول الله e نفقة ولا سكنة وعندما سمعت قول عمر لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة الخ .. قالت بيني وبينكم كتاب الله قال الله تعالى:" فطلقوهن لعدتهن" حتى قال:" لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً " فأي أمر يحدث بعد الثلاث وصرح أئمة الحديث بأنه لم يثبت من السنة ما يخالف حديثها، فالسنة معها وكتاب الله معها فلا وجه للاستدلال بمخالفة عمر لما سمعته من النبي e لأن من حفظ حجة علي من لم يحفظ (والذي يظهر والله تعالى أعلم أن عمر لم يخالفها ولكنه لم يثق في روايتها وعلى هذا فلا منافاة اذاً).
¥