تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشيخ الغديان .. وجهلة علم الأصول سعد مقبل العنزي]

ـ[غير مسجل]ــــــــ[16 - 06 - 10, 11:38 ص]ـ

سعد العنزي.

[الشيخ الغديان .. وجهلة علم الأصول سعد مقبل العنزي]

يقول ابن بدران الحنبلي رحمه الله: «واعلم أنه لا يمكن للطالب أن يصير متفقهاً ما لم تكن له دراية بالأصول ولو قرأ الفقه سنين وأعواماً، ومن ادعى غير ذلك كان كلامه إما جهلاً وإما مكابرة».

في وفاة الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله, تفقد الأمة الإسلامية علم من أعلام العلم الشرعي الراسخين فيه, وديوان من داويين علم الأصول, ممن جمعوا بين التدريس والفتيا والتحقيق, ومناقشة عشرات الباحثين.

بأفول هذا النجم اللامع في دنيا العلوم الشرعية, نحتاج أن نذكر بسر عناية الشيخ رحمه الله بعلم الأصول تنظيرا وتطبيقا. لأن المحزن أن ترى عزوف بعض طلاب العلم عن العناية بأصول الفقه, والتقليل من شأنه, بل الجهل أحيانا من قبل أناس دعاة بهذا العلم.

إن من الجوانب المهمة في علم الأصول القائم على أصول الاعتقاد عند السلف, أنه علم يربط العلوم الشرعية ببعضها, ويحدث بينها قدرا كبيرا من التجانس والوئام, مما ينعكس على الأصولي نفسه في نظرته للشريعة وعلومها, فيطرد منهجه, ولا يتناقض, وهذا ملاحظ في كلام علمائنا المعاصرين ممن لهم اهتمام كبير بعلم أصول الفقه, وعلى رأسهم العالم الجليل الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله.

تجد هذا في منهجهم العلمي والفكري على حد سواء, رحلوا رحمهم الله تعالى وما غيروا وما بدلوا, لتمسكهم بمنهج السلف الصالح أصولا وفروعا, ومن المقرر عند أهل السنة أن العصمة للمنهج وليس للأشخاص, وإنما ينال الشخص من بركة هذه العصمة بقدر قربه من هذا المنهج وارتباطه به.

يصور ذلك ابن تيمية رحمه الله بقوله:"وأما الفقهاء و أهل الحديث و الصوفية وأهل الكلام كالكرامية وغيرهم فإنهم يثبتون السبب والحكمة, لكن كثير من هؤلاء يتناقض فيتكلم في الفقه بلون, وفي أصول الفقه بلون, و في أصول الدين بألوان, ففي الفقه يثبت الأسباب والحكم, وفي أصول الفقه يسمي العلل الشرعية أمارات خلاف ما يقوله في الفقه, وفي أصول الدين ينفي الحكمة و التعليل بالكلية لظنه أن قول القدرية لا يمكن إبطاله إلا بذلك, و القليل من هؤلاء هو الذي يحقق الحكمة و يبين رجوعها إلى الفاعل الحكيم مع حصول موجبها في مخلوقاته".

ومم يتناقله العلماء من العبارات الجميلة قولهم:" إنما يفسد الناس نصف متكلم ونصف فقيه ونصف نحوي ونصف طبيب هذا يفسد الأديان وهذا يفسد البلدان وهذا يفسد اللسان وهذا يفسد الأبدان".

ويقرر الشاطبي حقيقة هذا الاتساق الذي يثمره علم الأصول بين علوم الشريعة, وذلك في نظر الراسخين في العلم, الذين لاحظوا الشريعة بعلومها كالصورة الواحدة التي لا تكتمل بجزء منها بل بجميع أجزائها, أو كالجسد الواحد الذي لا يسد عضو منه مسد آخر.

وذلك:" بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها وعامها المرتب على خاصها ومطلقها المحمول على مقيدها ومجملها المفسر ببينها إلى ما سوى ذلك من مناحيها ...

كذلك الشريعة لا يطلب منها الحكم على حقيقة الاستنباط إلا بجملتها لا من دليل منها أي دليل كان, وإن ظهر لبادى الرأى نطق ذلك الدليل. فإنما هو توهمى لا حقيقى ... فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كاعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة.

وشأن متبعى المتشابهات أخذ دليل ما أي دليل كان عفوا وأخذا أوليا وإن كان ثم ما يعارضه من كلى أو جزئى ... ".

وما ضل من ضل قديما وحديثا في تلقي النصوص الشرعية, وتفسيرها, إلا لجهله بأصول الفقه, فيذهب في رأيه بناء على عمومات لم يلتفت إلى ما يخصصها, أومطلقات لم ينظر في مقيدها, أو مجملات تحتاج إلى ما يبينها, تجدهم لا يتتبعون سياقات النصوص في مقالها ومقامها, وما يحيط بها من قرائن وملابسات, فينشأ الخلل في الاستدلال بناء على القراءة الانتقائية للنص الشرعي.

فما أحوجنا لعلم الأصول في هذا العصر الذي ركب فيه خصوم الشريعة الصعب والذلول في جرأتهم على النصوص الشرعية, وتفسيرها, زاعمين إعادة قراءتها بروح عصرية, وهم في مسلكهم هذا يتنكبون سبيل العلماء الراسخين, ويترسمون نهج الزاغين الذين قال الله فيهم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير