إملاء في الأمر والنهي للأستاذ محمّد البشير الإبراهيمي ..
ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[22 - 03 - 10, 11:59 م]ـ
آثار لم تتضمّنها الآثار .. لفضيلة الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله
جاء في مجلّة (راية الإصلاح) السلفية الجزائرية هذه الجوهرة الثمينة والدرّة المتلألئة والكنز المطمور لفضيلة الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله وقد نسختها عن مقال للشيخ المحقق أبو عبد الرحمن محمود حفظه الله العدد السادس عشر: رمضان / شوال 1430 ه الموافق ل سبتمبر / أكتوبر 2009 م ص 72 وما بعدها فلتتفضّلوه مشكورين:
آثار لم تتضمّنها الآثار
بعد رحلته المشرقيّة التي دامت إحدى عشرة سنة قضاها بين المدينة النبويّة ودمشق الشّام متعلّما ومعلّما: قرّر الشّيخ محمّد البشير الإبراهيمي العودة إلى الجزائر سنة (1920م) فاستقرّ بنواحي سطيف فبدأ (أوّلا: بعقد النّدوات العلمية للطّلبة والدّروس الدّينية للجماعات القليلة فلمّا تهيّأت الفرصة انتقل إلى إلقاء الدّروس المنظّمة للتّلاميذ .. ) ... 1
وفي هذه الفترة (1920م-1928م) لم يعثر الباحثون في تراث الشيخ المهتمّون بجمعه-وفي مقدّمتهم نجله الأستاذ الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي- على شيء يذكر .. 2 سوى ما كتبه الشّيخ تقريضا لرسالة ألّفها الشّيخ السّعيد فضلاء البهلولي .. 3
ونشره ابنه الأستاذ محمّد الطاهر فضلاء في كتابه (دعائم النّهضة الوطنيّة) (ص 43).
وها نحن نزف إلى القرّاء الكرام هذه البشرى السّارّة فنضع بين أيديهم كنزا ثمينا وأثرا دفينا من آثار الشيخ في تلك الحقبة.
أملاه على طلبته المشار إليهم في كلمته المتقدّمة وقيّده بعض الحاضرين في كرّاس صغير عثرت عليه في خزانته المتواضعة في بيت قديم من بيوتات (عين مليلة) العريقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على سيّدنا محمّد
عام (1342) .. 5
إملاء في الأمر والنهي للأستاذ محمّد البشير الإبراهيمي ..
الأمر ضدّ النّهي في مفهوم اللّغة لكلّ منهما صيغة مخصوصة.
وأوامر الشّرع ونواهيه جارية على المجرى اللّغوي في الأصول بمعنى أنّ كلّ واحد يرد في مقامه بلفظه.
والأمر عند الأصوليين: قول يستدعى به الفعل من الأدنى على سبيل الوجوب.
ف (قول): يخرج الأوامر الفعليّة فلا تسمّى أمرا إلاّ مجازا عند المحققين.
ودليلهم أنّ الأمر الفعليّ لا يتصرّف تصرّف القول فلا يقال عنه: أمر، يأمر.
(من الأدنى): يخرج الإلتماس والدعاء فلا يسمّيان أمرا ولو كان بصيغته.
و (على سبيل الوجوب): يخرج أمر الإباحة والتّعجيز والتّهديد وغيرها من ضروب الأمر الّتي لم تدلّ على غيرها من الوجوب.
أمّا التّعجيز: فلوروده موردا خاصا في الخطاب،والتهديد مثله.
وأمّا الإباحة: مثل (وإذا حللتم فاصطادوا) [المائدة:12]،والحديث: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) .. 6
فهي وإن كان متعلّقها عامّا في الخطاب غير أنّ الأمر فيها يقتضي الإذن وليس فيه إلزام لوروده من الحظر غلى الإباحة لا إلى الوجوب.
ومن الأصوليين من سمّاها أمرا؛ نظرا إلى عموم متعلّقاتها.
وهل الأمر يقتضي الوجوب بلفظه أو يدلّ على طلب الفعل والوجوب مأخوذ من مقام خارجيّ؟
مسالة خلاف بين الأصوليين،والتّحقيق الثّاني؛إذ لو كان مقتضيا للوجوب بلفظه لكانت جميع صيغه سواء في ذلك والواقع خلافه.
ورجّح أبو إسحاق الشّيرازي .. 7 الأوّل؛مستدلاّ بأنّ السيّد إذا قال لعبده: اسقني،فلم يسقه استحقّ التوبيخ،فلو لم يكن الإمتثال واجبا لم يستحقّه .. 8
واختلف القائلون بدلالة الأمر على الوجوب هل هي من جهة الشّرع أو من جهة الوضع؟
وذهب المحقّقون من المعتزلة غلى أنّ الأمر يقتضي إرادة الفعل ثمّ إن كان من حكيم اقتضى زيادة ترغيب وهي النّدب.
وأمّا الوجوب فلا يكون إلاّ بدليل خارجي،وعلى هذا تجري أوامر الشرع.
واحتلفوا في المندوبات: هل هي مأمور بها أم لا؟
وحجّة النّافين: قوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشّقّ على أمّتي) .. 9 مع العلم بأنّ السّواك مندوب إليه.
ثمّ الأمر إمّا أن يرد مطلقا أو مقيّدا.
فالأوّل يجب معه العزم على الفعل ولا يجب فعل المأمور به على الفور عند المحقّقين؛لأنّ الإمتثال يحصل بالفعل مع المبادرة ومع التراخي فوجوب المبادرة لا يكون إلاّ بدليل آخر غير الامر.
¥