تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الواقعية، والمعيارية، في ضوء مقولة:"المقاصد" دعوة إلى اكتشاف العلاقة بينهما]

ـ[أبو عمر فيصل الذويبي]ــــــــ[15 - 07 - 10, 02:22 م]ـ

الواقعية، والمعيارية، في ضوء مقولة:"المقاصد"

دعوة إلى اكتشاف العلاقة بينهما.

ازدحم الدرْس الإسلامي بِكَمٍ هائلٍ من الإنتاج المقاصدي، استوعب المراكز العلمية على جغرافيا المسلمين الممتدة: من ماليزيا في جنوب شرق آسيا، إلى المملكة المغربية في أطراف الشمال الإفريقي، وكان هناك التحام ظاهري بين فكرتي: المقاصد، والتجديد ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn1))، لدى تيار، ولدى تيارٍ آخر كان الالتحام الظاهري بين فكرتي: المقاصد، والحداثة. تباينت الاستخدامات، والفكرة واحدة، هي: المقاصد، وعدم اسْتِجْرار القديم بكل سلبياته.

كان الدافع لهذا الدرْس بهذا الكم الهائل من الإنتاج المقاصدي هو: أن العصر الحديث امْتَلأ، بل ازدحم بمستجداتٍ كثيرة، ومتنوعة، ومتلاحقة، بل ومتسارعة، في مختلف شؤون الحياة، وأنماطها المتنوعة، فلم تعد النظم والقوانين تفي بمتطلبات ذلك: إنِ اقْتُصِر على حرفيتها، والظاهر من ألفاظها؛ ولذلك كان التنادي من أهل القانون بالكشف عن قصد المشرع، وغايته، وإرادته، فكان ما يُسمَّى بتفسير النصوص بما لا يبتعد عن غاياتها النهائية، فالدستور - عندهم - وثيقة، نابضة بالحياة، لا تصد عن التطور، فنسيجها متناغماً مع روح العصر ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn2)).

وأما الشريعة الإسلامية فهي معتمِدة على نصوص تشريعية، في القرآن والسنة، وهي متناهية، والوقائع غير متناهية، وما هو متناهي – إنِ اقْتُصِر على الحرفية والظاهرية – لا يفي بما لا يتناهى، فكانت الحاجة لإيجاد العلل واستخدام المقاييس، ثم مع تباعد الزمان عن زمان النبوة اشتدت الحاجة إلى ما يُسمَّى بالمصالح المرسلة، ثم تباعد الزمان أكثر، وكَثُرَت المستجدات، وتشابكتْ في الحياة، وازدحمت المصالح مع المفاسد، وحصل التعارض فيها، وكَثُرَت الاختلافات الفقهية، فظهرت الحاجة إلى ما يُسمَّى بمقاصد الشريعة العامة، حتى إن الطاهر بن عاشور، العالم، التونسي الأصل ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn3)) – أراد بتأليفه لكتابه:"مقاصد الشريعة الإسلامية": أن تكون تلك المقاصد نبراساً للمتفقهين في الدين، ومرجِعاً بينهم عند اختلاف الأنظار، وتبدل الأعصار، وتوسُّلاً إلى إقلال الاختلاف بين فقهاء الأمصار، ودُرْبةً لأتباعهم على الإنصاف في ترجيح بعض الأقوال على بعض، عند تطاير شَرَرِ الخلاف؛ حتى يَسْتَتِبَّ بذلك ما أراد من نبذ التعصب، والفَيْئة إلى الحق ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn4)) . وأراد أن يستنبط مقاصد شرعية قطعية؛ لكي يَقْطَع القطعيُّ الخلاف، فهو يرى أن سبب كثرة الخلاف الاستناد إلى الظنيات، التي تختلف فيها الأفهام ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn5)) .

غير أن عناية الفقهاء بمقاصد نصوصهم التشريعية: بتأصيلها، والبناء عليها - أكثر بكثير مما هو عند أهل القانون؛ وذلك لأن الداعي الذي قام عند فقهاء الشريعة لم يقم عند أهل القانون، وبيان ذلك: أن التشريع الوضعي قابلٌ للتعديل، والتغيير بما يزعم مُشَرِّعوه: أنه يحقق مصالح الجماعة والأفراد، فهو تشريع قابل للتغيير والتعديل باستمرار، فليس بحاجة ماسة إلى نظرة مقاصدية، مجالها في التعليل من أجل القياس، وفي تفسير النصوص، فمثل هذه النظرة ضرورية في التشريع الثابت، الغير قابل للزيادة أو النقصان، وهو تشريع القرآن والسنة ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_edn6))، وهذا لا يعني عدم حاجة أهل القانون لمقاصد تشريعهم، وإلا لم يكن ما يُسَمَّى بروح القانون، الذي يحكُم تفسير النصوص، ثم إن الرجوع لروح القانون يَضْطَرُّ إليه مَن تكون السوابق القضائية في عُرْف بلده تشريعاً، لا يُنْقَض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير