[أعينوني يا أهل الحديث في حل هذا الإشكال]
ـ[أبو الوليد المقتدي]ــــــــ[15 - 04 - 10, 03:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال متعلق بنقل الفتوى
1 - أولاً معلوم أن الله حرم القول عليه بلا علم أو القول في دينه بلا علم (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وهذا لا ينازع فيه أحد وكذلك نهانا سبحانه أن نقول عليه غير الحق
2 - معلوم أن الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مدح العلم مدحاً لا نعلم شيئاً في الدين يدانيه اللهم سوى الجهاد وقد قرنهم الله تعالى في قوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين)
3 - معلوم أن العلم هو ما قام الدليل عليه من الكتاب والسنة أو أحدهما
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الحديث وبين قول فلان
إذ أجمع العلماء أن مقلداً للناس والأعمى هما أخوان
والعلم معرفة الهدى بدليله ما ذاك والتقليد يستويان
5 - وحيازة الدليل والقول به لا يلزم منه حيازة الحق والصواب غناية عن الأجر والعقاب فيشترط
لذلك الأهلية وما قصة صاحب الشجة منا ببعيد
6 - قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد) متفق عليه
7 - قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة. قاض في الجنة وقاضيان في النار، أما الذي في الجنة فرجل علم الحق فقال به وأما اللذان في النار فرجل عرف الحق فقضى بخلافه ورجل قضى للناس على جهل)
وبعد
فإنه معلوم خطر القول في الدين حتى كان ناس من السلف يسأل أحدهم عن المسألة فيتكلم وهو يرعد والمفتي موقع عن الله تعالى
فطالب العلم الذي بدأ في الطلب ودرس مختصراً في أي مذهب كان أو علم قولاً لشيخه أو قولاً لإمامٍ جليل القدر فهذا القول الذي علمه لا يعدو أن يكون حقاً أو باطلاً وهو إما أن يكون تلقاه بدليل أو بغير دليل.
فعلى القول الأول أنه حق هو أصاب - في معرفته الحق- لكنه لا يعرف أنه أصاب حقاً أم باطلاً وإن كان في ظنه أنه هو المحق وقول إمامه هو الصواب وهذه حجة واهية من حيث تصحيح الأقوال بمجرد نسبتها لا بدلائلها وقد قال الشيخ الألباني فالحق يعرف بنوره ودلائله لا بحاكيه وقائله، وفرضه الثاني أنه علمه بدليل من الكتاب أو السنة وحجته هنا أقوى من سابقتها على إثبات الصواب لديه وهي أيضاً لا تسلم لأن ليس كل من حاز الدليل حاز الصواب
فإن رأى هذ الفتى قولاً غير قوله ومذهبا غير مذهبه سارع إلى دفع ذلك ورميه بالباطل
وهو مع ذلك قد يكون مصيبا أو مخطئا
وغايته أنه مقلدا لهذا القول
قال شيخ الإسلام:
فَمَنْ صَارَ إلَى قَوْلٍ مُقَلِّدًا لِقَائِلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى مَنْ صَارَ إلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مُقَلِّدًا لِقَائِلِهِ , لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَجَبَ الِانْقِيَادُ لِلْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ إذَا ظَهَرَتْ. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُرَجِّحَ قَوْلًا عَلَى قَوْلٍ بِغَيْرِ دَلِيلٍ , وَلَا يَتَعَصَّبُ لِقَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ وَلَا لِقَائِلٍ عَلَى قَائِلٍ بِغَيْرِ حُجَّةٍ , بَلْ مَنْ كَانَ مُقَلِّدًا لَزِمَ حِلُّ التَّقْلِيدِ , فَلَمْ يُرَجِّحْ وَلَمْ يُزَيِّفْ وَلَمْ يُصَوِّبْ وَلَمْ يُخَطِّئْ , وَمَنْ
كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ مَا يَقُولُهُ سُمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ , فَقُبِلَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقٌّ , وَرُدَّ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاطِلٌ , وَوُقِفَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ , وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَاوَتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي قُوَى الْأَذْهَانِ , كَمَا فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فِي قُوَى الْأَبْدَانِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَنَحْوُهَا فِيهَا مِنْ أَغْوَارِ الْفِقْهِ وَحَقَائِقِهِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ عَرَفَ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ وَمَآخِذَهُمْ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا قَوْلَ عَالِمٍ وَاحِدٍ وَحُجَّتَهُ دُونَ قَوْلِ الْعَالِمِ الْآخَرِ وَحُجَّتِهِ , فَإِنَّهُ مِنْ الْعَوَامّ الْمُقَلِّدِينَ لَا مِنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُرَجِّحُونَ وَيُزَيِّفُونَ , وَاَللَّهُ تَعَالَى
¥