تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3ـ حين اجتمع القصد الفاسد وقوِيَت التهمة وتُيُقِّنت المفسدة ورَجَحَتْ على المصلحة الوهمية، كان العمل بمبدأ الاحتياط واجبا سدا للذريعة وحسما لمادة الفساد، ومن هنا وجب العَوْدُ إلى مقتضى أحكام الشرع بأن تَرْجع الزوجة المنفية في تركة زوجها بما هو واجب لها شرعا، لا من حيث النصيب ولا من حيث المستحقُّ لها من أموال صارت دينا في ذمة الزوج بموجب ما أنفقته على الصغار حتى بلوغهم مبلغ الكسب، مع اعتبار حال أبنائه المتصدق عليهم من الزوجة الأخرى، من كونهم كبارا أو صغارا، وعلى أية حال ما أثبته لهم أبُوهُم من حَقٍّ فإن الشرع لا يُقِرُّهُ، لأن في ثبوته لهم تعد على حق قائم شرعا، فلا يترك ما أوجبه الشارع مراعاة لما أوجبه العباد، وما هذا إلا منع للتعسف في استعمال الحق، وذلك لانعدام التناسب بين مصلحة صاحب الحق غير المشروعة ابتداء، والضرر اللاحق بالورثة، وهذا معيار موضوعي عُلم من مقتضيات الشرع أنه يبطل المفعول الحقوقي للفعل المتعسف فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

(1) ـ هذا من الاصطلاحات التي انفرد بها المالكية، ومعناه كما عرفه ابن سلمون في العقد المنظم للحكام: " هو إعطاء الملك في دين يكون للمُصَيَّر له على المُصَيِّر " 1/ 188، وانظر وثائق ابن حمدون بناني بشرح الهواري، ص: 168

(2) ـ هو ابو الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي الفقيه، أخذ عن ابي محمد صالح، وعنه أبو الحسن الصغيرله الحلال والحرام، وحاشية على المدونة، توفي سنة: 675 هـ، ترجمته في: الشجرة، 1/ 201 وكفاية المحتاج للتنبكتي،1/ 207،

(3) - هو أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي الفاسي، وفي ترتيب عياض بن أبي حاج، توفي سنة 430 هـ. ترجمته في ترتيب المدارك، 2/ 280، والصلة، 3/ 881، والديباج المذهب 2/ 269، وانظر الفكر السامي، 2/ 205ـ206، وفهرس الفهارس، 1/ 159.

(4) - هو أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الجياني الأندلسي القيرواني،توفي سنة: 298 هـ. انظر ترجمته في: طبقات للخشني، ص: 14، وتاريخ ابن الفرضي، ص: 2/ 184 وترتيب المدارك، 1/ 505، والديباج،2/ 283، وشجرة النور، 173.

(5) - هو أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيرواني، توفي سنة: 432. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 2/ 279، والديباج،1/ 165، والشجرة، 1/ 107.

(6) - ينظر: المعيار المعرب، 5/ 127 - 128.

(7) - ينظر: الموافقات: 1/ 401

(8) ـ ينظر: البهجة شرح التحفة للتسولي،2/ 249، وشرح ميارة على التحفة، 2/ 126.

(9) - نظم العمل الفاسي لأبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي مع شرحه: تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس، لشارحه الشريف المهدي الوزاني، ص: 32.

(10) ـ ينظر: تحفة أكياس الناس، ص: 228.

(11) - ينظر: المغني مع الشرح الكبير: لابن قدامة المقدسي، 5/ 34.

ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[05 - 02 - 10, 11:15 ص]ـ

المسألة الرابعة: معاملة مستغرقي الذمة

سئل اللخمي عما يَضْرِبُهُ السلطان بالقيروان والمهدية وغيرهما من السِّكَكِ، يشتري بها الناس أو يأخذها الجند في أرزاقَهم ولا غِنَى للناس عن التصرف بها، فما وَجْهُ الفقه فيها؟

فأجاب:

اختلف أهل العلم في مبايعة مُسْتَغْرَقِي الذمة (1)، فمِن مانعٍ وَمُجيز بالقيمة، والأمر في الدنانير والدراهم عندي أخف، لدعوى الضرورة وعموم البلوى.

وجه اعتبار المآل في النازلة:

لقد اختلفت مذاهب علماء المذهب في معاملة مستغرق الذمة بين مانع ومجيز، وفي ذلك تفصيل طويل (2)، لكن الأشهر هو منع التعامل معه ومداينته ومنعه من التصرف المالي (3) ومن كل التبرعات، هذا على قول ابن القاسم،ذلك أن ما تمليه القواعد الشرعية العامة هو: أنَّ حيازة الأموال بلا سبب مشروع معدود من أكل أموال الناس بالباطل، فإنَّ تحقق العلم بأنَّ الكسب حرام وجب اجتنابه

لكن الإمام اللخمي اختار القول بالجواز من باب العمل بالاحتياط مراعيا في ذلك مآل تنزيل الأحكام، ذلك أن مستغرق الذمة ومن ماله كله حرام كمتعاطي الربا والغلول وأثمان الغصوب والخمور ونحو ذلك فالقياس ألا يعامل لا بالدرهم ولا بالدينار ولا بغيره، ولذلك فلا بأس عنده استحسانا من معاملة مستغرق الذمة فيها، اعتبارا للضرورة، ولأن واقع الناس لا ينفك عن معاملة مثل هؤلاء ممن أحاط الحرام بما يملكونه، وبذلك عمت البلوى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

(1) ـ هذا من اصطلاحات المالكية، ومعناه: من عليه من التبعات ما يستغرق ما بيده من الحلال، أو هو من كان ماله كله حرام، انظر الحلال والحرام لراشد بن أبي راشد الوليدي، ص: 249، وحاشية الدسوقي، 3/ 277، والأصل في تحريم التعامل معه ما روى أبو مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ? نهى عن ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي ? أخرجه مالك في الموطإ، كتاب البيوع،باب ما جاء في ثمن الكلب، رقم 2422. والبخاري في البيوع، باب ثمن الكلب، 2122، ومسلم في كتاب المساقاة باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، رقم 1597

(2) ـ في المسألة أربعة أقوال:

ـ معاملته لا تجوز بحال، فهو بحكم المفلس فتجري عليه أحكامه.ـ جواز معاملته بالبيع بمثل القيمة دون محاباة، لأنه لم يدخل على أهل تبعاته نقص لكن يمنع منه الر هن والهبة والصدقة والعتق ـ عدم جواز معاملته في اثمان الغصوب وأعواضها، لكن تجوز معاملته فيما وهب له أو ورثه أو أفاده بوجه شرعي، أو سلعة اشتراها على الذمة ـ جواز معاملته بإطلاق. انظر تفصيل ذلك في: البيان والتحصيل لابن رشد، 18/ 566، وفتاواه، 1/ 631 فما بعدها، والذخيرة للقرافي، 13/ 318، والحلال والحرام لراشد بن أبي راشد الوليدي، ص: 249 فما بعدها، وفتاوى البرزلي، 5/ 122 و132، وحاشية الدسوقي، 3/ 277، وبلغة السالك للصاوي، 3/ 231.

(5) ـ ينظر: حاشية الدسوقي، 7/ 315، وبلغة السالك، 3/ 231، ومنح الجليل لعليش، 6/ 21

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير