تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

زاد بعضهم شرطاً سابعاً: وهو أنه يلزم المقلد اعتقاد أرجحية أو مساواة مقلده للغير. قال الشيخ ابن حجر في التحفة بعد ما نقله عنه: ((لكن المشهور الذي رجحه الشيخان جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل)). قال العلامة ابن عابدين في رد المحتار: ((ذكر في التحرير وشرحه أنه يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل. وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الحنابلة والشافعية، وفي رواية عن أحمد وطائفة كثيرة من الفقهاء لا يجوز)) (1).

زاد بعضهم شرطاً ثامناً: وهو أنه لا بد في صحةِ التقليد أن يكون صاحب المذهب حياً وقت التقليد. قال ابن الجمال في فتح المجيد: ((وهذا مردود لأن الشيخين اتفقا على جواز تقليد الميت وقالا: هو الصحيح)) (2).


(1) ... تقليد المفضول: هل يجوز للمقلد أن يقلد المفضول من المجتهدين وإن قدر على تقليد الفاضل؟ فيه مذاهب:
أحدها - وهو المشهور - جوازه (اختاره العز بن عبد السلام في القواعد، وابن الحاجب في مختصره، ونقله ابن النجار في شرح الكوكب عن الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية والحنابلة منهم: ابن قدامة في الروضة وصححه الزركشي في البحر) لأنه لو وجب تقليد الأفضل لما قلد الناس الفاضل والمفضول في زمن الصحابة والتابعين من غير نكير. فقد كانوا يسألون آحاد الصحابة مع وجود أفاضلهم. أهـ
والثاني: منه، وبه قال أحمد وابن سريج، واختاره القاضي الحسين وابن السمعاني، وذلك لأن اعتقاد المفضول كاعتقاد الدليل المرجوح مع وجود الأرجح.
والثالث: أنه يجوز لمن يعتقده فاضلاً أو مساوياً لغيره، فإن اعتقده دون غيره امتنع استفتاؤه - واختاره ابن السبكي في جمع الجوامع، والشيخ زكريا في غاية الوصول - ولهذا لا يجب البحث عن الأرجح كما لا يلزمه طلب الدليل. أهـ[تشنيف المسامع: 4/ 608 - 609، الغيث الهامع: 3/ 896 - 897، غاية الوصول: صـ 268].
(2) ... تقليد الميت: في جواز تقليد الميت أقوال:
أحدها - وبه قال الجمهور - جوازه، وفيه يقول الشافعي - رضي الله عنه -: ((المذاهب لا تموت بموت أربابها)). أهـ وصححه الزركشي في البحر، ونقله عن أكثر الشافعية وقال: ((ربما حكي فيه الإجماع)). أهـ واختاره البيضاوي وابن عبد الشكور وغيرهما. قال الزركشي: ((يجوز تقليد الميت سواء وجد حياًً مجتهداً أولا، أما إذا كان فقد المجتهدون فلا خلاف فيه عند المصنف (أي ابن السبكي)، وإن وجد مجتهد فإن كان دون الميت فيحتمل أن يقال: يقلد الميت لأرجحيته، ويحتمل أن يقال: الحي لحياته، ويحتمل أن يقال - وهو الأظهر - يجوز تقليد كل منهما لتعارض المرجحين)). أهـ
الثاني: منعه مطلقاً، وعزاه الغزالي في (المنخول) لإجماع الأصوليين، واختاره الإمام فخر الدين الرازي في (المحصول) وأبو الحسين البصري في (المعتمد)، وقال ابن النجار في شرح الكوكب: ((هو وجه لنا - أي الحنابلة - والشافعية)). أهـ واستدلوا بأنه لا بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الإجماع بعد موت المخالف، وعوض بحجية الإجماع بعد موت المجمعين.
الثالث: يجوز مع فقد مجتهد حي ولا يجوز مع وجوده، وقطع به ابن السبكي، وحمل إطلاق المطلقين على فقد حي مماثل للميت أو أرجح، أما إذا فقد مطلقاً فكيف يترك الناس هملاً. قال الزركشي في البحر: ((وجزم به إلكيا وابن برهان)). أهـ واختاره إمام الحرمين في الغياثي. أهـ
الرابع: أنه إن كان الناقل لقول المجتهد الميت مجتهداً في ذلك المذهب جاز تقليده وإلا فلا، حكاه الصفي الهندي، وقال: إنه أظهر. قال ابن السبكي: ((وهو في غير محل النزاع، لأن الكلام فيما إذا ثبت أنه مذهب الميت، فإن كان الناقل بحيث لا يوثق بنقله فهماً وإن وثق نقلاً تطرق عدم الوثوق بفهمه إلى عدم الوثوق بنقله، وصار عدم قبوله لعدم صحة المذهب عن المنقول إليه لا لأن الميت لا يقلد)). أهـ[تشنيف المسامع: 4/ 609 - 611، والغيث الهامع: 3/ 897 - 898، وغاية الوصول: صـ 269].هـ (1).
وصلى الله على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير