تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) ... تتبع الرخص: قال ابن السبكي - في جمع الجوامع -: ((والأصح أنه يمتنع تتبع الرخص، وخالف أبو إسحاق المروزي)). أهـ قال الزركشي: ((حيث جوزنا له الخروج عنه - أي المذهب الذي انتحله - فشرطه أن لا يتتبع الرخص: بأن يختار من كل مذهب ما هو الأهون عليه، وإلا فيمتنع قطعاً. وقال بعض المحتاطين: من بلي بوسواس أو قنوط أو يأس فالأولى أخذه بالأخف والرخص، لئلا يزداد ما به ويخرج عن الشرع. ومن كان قليل الدين كثير التساهل أخذ بالأثقل والعزيمة، لئلا يزداد ما به فيخرج إلى الإباحة. وكلام المصنف يقتضي أن أبا إسحاق يجوز تتبع الرخص وهو ممنوع، فقد رأيت في فتاوى الحناطي: من تتبع الرخص قال أبو إسحاق المروزي: يفسق، وقال ابن أبي هريرة: لا يفسق، هكذا حكاه عنه الرافعي في الأقضية)). أهـ والقولان بالفسق وعدمه مرويان عن الإمام أحمد - رضي الله عنه -، وخالف الكمال ابن الهمام فقال: يجوز للمقلد تتبع الرخص لأنه لا يوجد في الشرع ما يمنع ذلك. أهـ قال العطار: ((نقل الشرنبلالي الحنفي عن السيد بادشاه في شرح التجريد، يجوز اتباع رخص المذاهب ولا يمنع منه مانع شرعي، إذا للإنسان أن يسلك الأخف عليه إن كان له إليه سبيل بأن لم يكن عمل بقول آخر مخالف لذلك الأخف. أهـ وقال ابن أمير حاج: إن مثل هذه التشديدات التي ذكروها في المنتقل من مذهب إلى مذهب، إلزامات منهم لكفِ الناس عن تتبع الرخص، وإلا فأخذ العامي بكل مسألة بقول مجتهد يكون قوله أخف عليه لا أدري ما يمنع منه عقلاً وشرعاٌ. أهـ هذا ما نقله الحنفية)) .. أهـ[تشنيف المسامع: 4/ 620 - 621، الغيث الهامع: 3/ 906، حاشية العطار على شرح المحلي: 2/ 441 - 442]. قال ابن عبيد الله: ((والكلام فيمن يتتبعها من المذاهب المدونة بحيث كادت تنحل عنه ربقة التكليف. أما من أخذ من كل مذهبٍ ما يعده الأهون عليه، لا ما ينطبق عليه ضابط الرخصة عند الأصوليين، فليس من ذلك. ( ... ) قال في القلائد [2/ 445]: وأفتى الأئمة: إسماعيل الحضرمي، وأحمد بن عجيل، ويوسف بن أبي الخل، بجواز تقليد الشافعي في العمل من شاء من الأئمة: كأبي حنيفة وأبي ثور، وأنه لا يأثم عليه. قال بعضهم: وهذا سر من أسرار الله تعالى لا ينبغي أن يُظهر إلا عند مسيس الحاجة. أهـ وهذا قد يشير إلى أن لا باس بتتبع الرخص وفاقاً لابن الهمام من الحنفية وابن أبي هريرة من الشافعية. فأما محمد الرملي ورفاقه فإنهم لا ينفون الحرج بتتبع الرخص، لكن ينفون الفسق فقط)). أهـ[صوب الركام: 1/ 40].

-------وهذا ليس شرطاً لصحة التقليد كما صرح به المتأخرون، بل شرط لدرء الإثم كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة.

الخامس: أن لا يعمل بقول في مسألة ثم بضده في عينها، كأن أخذ نحو دار بشفعة الجوار تقليداً لأبي حنيفة، ثم باعها ثم اشتراها فاستحق واحد مثله بشفعة الجوار، فأراد أن يقلد الشافعي ليدفعها فإنه لا يجوز، لأن كلاً من الإمامين لا يقول به حينئذ. وفيه نظر، لأنه مبني على امتناع التقليد بعد العمل والأصح جوازه. فما نقل عن الآمدي وابن الحاجب من منع التقليد بعد العمل محمول على ما إذا بقي من آثار الأول ما يلزم عليه مع الثاني، ترتب حقيقة واحدة مركبة لا يقول كل من الإمامين بها.

السادس: أن لا يلفق بين قولين تتولد منهما حقيقة واحدة مركبة لا يقول كل من الإمامين بها، كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس ومالك في طهارة الكلب في صلاةٍ واحدةٍ كما قاله الشيخ ابن حجر. وقال ابن زياد في فتاويه ناقلاً عن البلقيني: ((إن التركيب القادح في التقليد إنما يؤخذ إذا كان في قضيةٍ واحدة كما إذا توضأ فقلد أبا حنيفة في مس الفرج، والشافعي في الفصد، فصلاته حينئذٍ باطلة لاتفاق الإمامين على بطلان طهارته. لا يقال اتفقا على بطلان الصلاة، لأنا نقول إنما نشأ من تركيب القضيتين وهذا غير قادح كما فهمناه من كلام الأصحاب، وقد صرح به البلقيني في فتاويه)). أهـ قال السيد عمر - رحمه الله -: ((ولكل من القائلين وجه، وكفى بكل من القائلين قدوة، والأول أوفق بمشارب الخاصة، والثاني أوفق بمشارب العامة)) (1).أهـ


(1) ... فتاوى علماء الإحساء: 1/ 385.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير