- العادة محكّمة ..... (3)، وقد أضاف من جاء بعده قاعدة: (الأمور بمقاصدها) إلى القواعد الكلّية الكبرى.
ومن أشهر هذه الكتب وأكثرها انتشارا وعناية وتداولا كتابان:
الأول: (الأشباه والنظائر) للسّيوطي الشّافعي (ت:911 ه).
والثاني: لابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) يحمل العنوان نفسه، وقد سلك مؤلّفاهما نمط (الأشباه والنظائر) لتاج الدّين السّبكي (ت: 771 ه)، ويؤكّده تصريح ابن نجيم بذلك حيث يقول: (إنّ المشايح الكرام قد ألّفوا لنا ما بين مختصر ومطوّل من متون وشروح وفتاوى، واجتهدوا في المذهب والفتوى، إلاّ أنّي لم أر لهم كتابا يحكي كتاب تاج الدّين السّبكي الشّافعي مشتملا على فنون في الفقه، فألهمت أن أضع كتابا على النّمط السابق) ... (4)، ولا يبعد أن يكون ابن السّبكي كالعلائي (ت:716 ه) في التّسمية والنّسج على منواله، إذ سلك في المؤلّف منهجا معينا وأوضح ما يريده بالقواعد والضّوابط والمدارك الفقهيّة، فبدأ مؤلّفه بالقواعد الخمس الكبرى، وأعقبها بطائفة من القواعد العامة والقواعد الخاصّة من مختلف الأبواب الفقهيّة، فالمسائل الأصولية وما يترتّب عليها من جزئيّات فقهيّة، ثمّ أردفها بكلمات نحويّة وما يتخرّج عليها من مسائل فقهية ونحو ذلك ممّا أفصح عنه المصنّف في مقدّمة كتابه عن منهجه ومحتويات كتابه وخطّته.
هذا، وكتاب (الأشباه والنظائر) للسّيوطي يشتمل على سبعة كتب بمعنى أبواب، ذكر القواعد الخمس الكبرى في الكتاب الأوّل مؤصّلا لكلّ قاعدة مع الشّرح بالأمثلة، وبيان ما يندرج تحتها من أبواب الفقه المختلفة وما يتفرّع على كلّ منها من قواعد فرعيّة.
وذكر في الكتاب الثاني قواعد كليّة يتخرّج عليها ما لا ينحصر من الصّور الجزئيّة، وهي أربعون قاعدة دون القواعد الخمس الكبرى في عمومها وشمولها، وذكر في الكتاب الثالث: عشرين قاعدة مختلفا فيها، أمّا بقيّة الكتب فتدور على أحكام يكثر دورها ويقبح بالفقيه جهلها، وفي نظائر الأبواب وما افترقت فيه الأبواب المتشابهة كالفرق بين الغسل والوضوء، والحيض والنّفاس، واللّمس والمسّ، والأذان والإقامة، والإجارة والجعالة، ثمّ في نظائر شتّى نثر بين موضوعاتها قواعد مختلفة في مسائل أصولية وفقهيّة، كمسألة النسخ، هل هو رفع أو بيان؟ وهل يجوز إحداث قول ثالث في المسألة؟ ... ومجموع الكتاب يتضمّن ثلاثين ومائة (130) قاعدة كليّة وفرعية.
أمّا كتاب ابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) فقد استفاد من تاج الدين السّبكي (ت:771 ه) عن طريق الإمام السيوطي (ت: 911 ه) على ما صرّح به في عدّة أماكن من كتابه ... (5)، ولذلك يسير في أغلب الأحيان على غرار (الأشباه) للسيوطي، فقد رتّبه على سبعة فنون تناول في الفنّ الأوّل نوعين من القواعد.
تمثّل النوع الأوّل: في القواعد الكبرى، وزاد قاعدة سادسة على (أشباه) السّيوطي، وهي قاعدة: (لا ثواب إلاّ بنيّة) ... (6)، ثمّ قام ببيان مع كلّ قاعدة ما يندرج تحتها من قواعد فرعيّة، وما يدخل في كلّ قاعدة من الأبواب الفقهيّة مع إيراد الأمثلة والنّظائر.
أمّا النوع الثاني: فخصّصه المصنّف في قواعد كليّة يتخرّج عليها ما لا ينحصر من الصّور الجزئية الّتي لا تخرج عمّا أورده الإمام السيوطي.
وفي الفنّ الثاني تناول الفوائد في ستة وثلاثين كتابا من كتاب الطهارة إلى غاية كتاب الفرائض ... (7)، تخلّلتها الضّوابط الفقهيّة المذهبيّة بصورة جليّة واضحة.
أمّا الفن الثالث: فجعله في الجمع والفرق من (الأشباه والنظائر) .... (8)، وجعل الفنّ الرابع في الألغاز في ثلاثة وثلاثين كتابا من كتاب الطهارة إلى الفرائض ... (9) على شكل أسئلة فقهية واردة للإعجاز والتّعمية على المسؤول مع إرداف أجوبتها.
والفنّ الخامس في الحيل، والسادس في الفروق، والسابع في الحكايات والمراسلات، ويجدر التنبيه إلى أنّ الإمام ابن نجيم أسقط من (أشباهه) القواعد الخلافية، أي: تلك الواردة بصيغة الخلاف، في حين أثبت هذا القسم كلّ من السّبكي والّيوطي.
وقد حظي (الأشباه والنظائر) لابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) باهتمام كبير من العلماء شرحا وترتيبا وحاشية وتعليقا بلغ أزيد من ثلاثين مؤلّفا .... (10).
ويدخل ضمن هذه الزمرة كتب القواعد التّالية:
¥