تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فائدة هذا التقسيم: بيان أنّ الخبر المتواتر ثابت قطعا لا يحتاج إلى أسانيد تثبته، وأنّ البحث في الثّبوت يختصّ بأخبار الآحاد (17).

ثانيا: تقسيم السنّة باعتبار طريق دلالتها

تنقسم السنّة باعتبار طريق دلالتها على الأحكام إلى: سنّة قوليّة، وسنّة فعليّة، وسنّة تقريريّة.

1 – السنّة القوليّة: كقوله صلى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمال بالنّيات) (18)

2 – السنّة الفعليّة: كقول أنس: (إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم كان يتوضّأ لكل صلاة) (19).

3 – السنّة التقريريّة: كقول أمّ عطيّة: (كنّا لا نعدّ الصفرة والكدرة بعد الطّهر شيئا) (20).

ومن فائدة هذا التقسيم تقديم القول على الفعل، والفعل على التقرير عند ظهور التعارض، وتحديد شروط الحجيّة لكلّ قسم، وبيان الدلالة على الأحكام.

ثالثا: تقسيم السنّة باعتبار ما دلّت عليه من الأحكام (21)

تنقسم السنّة باعتبار ما دلّت عليه وتضمنته من أحكام إلى ثلاثة أقسام، هي كالآتي:

1 – سنّة مؤكدة لما في القرآن: مثل إيجاب الصلاة والزكاة وتحريم الخمر والميتة.

2 – سنّة مبيّنة لما في القرآن: مثل بيان عدد الصّلوات وأوقاتها وأنصبة الزّكاة وأنواعها.

3 – سنّة مستقلّة عن القرآن: كحديث: (لا يجمع بين المرأة وعمّتها، ولا بين المرأة وخالتها) (22).

ومن فائدة هذا التقسيم بيان محلّ النزاع في بعض المسائل الأصوليّة، كحجيّة السنّة ومسائل التعارض والترجيح والنّسخ وغير ذلك.

المطلب الثاني: المرفوع غير الصريح

والصحابي قد يضيف القول أو الفعل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم صراحة، كأن يقول سمعت ورأيت، وقد يضيفه بألفاظ غير صريحة بحيث يكون ظاهر الرواية الوقف وهي مرفوعة، ومن هذه الصيغ:

أولا: قول الصحابي: أمرنا ونهينا وأحل لنا ورخّص لنا (23).

فإن للآمر والناهي المطاع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة ذلك قول ابن عمر رضي الله عنهما: (أحلّت لنا ميتتان و دمان، فأمّا الميتتان فالحوت والجراد، وأمّا الدمان فالكبد والطحال) (24).

ثانيا: قوله: من السنّة كذا (25).

عن سعيد المقبري قال: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة وقال إنّما فعلت لتعلموا أنها سنّة، وعن الضحاك بن قيس: إن السنة في صلاة الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه .. قال الشافعي: (وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولان السنّة إلاّ لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن شاء الله) (26).

ثالثا: قوله: كنا نفعل وكنا نقول (27).

ومنهم من اشترط الإضافة إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح عدم اشتراط ذلك، وهو مرفوع لأنه من قبيل السنة التقريرية، قال عمر: (إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان النبي صلى الله عليه وسلّم جميعا) (28). وقال أبو سعيد الخدري: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط) (29).

المطلب الثالث: حجيّة السنّة

أولا: حجيّة السنّة مطلقا

اتّفق علماء المسلمين على أنّ السنّة الثابتة حجّة، وأدلّة حجّيتها كثيرة منها ما دلّ على أنّها وحي من الله تعالى كقوله سبحانه وتعالى: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم) (النساء: 113) فذكر المولى عزّ وجلّ أنّه أنزل القرآن وكذلك أنزل الحكمة. قال الشّافعي رحمه الله تعالى: (فلم يجز أن يقال الحكمة ها هنا إلاّ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) (30).

ثانيا: حجيّة السنّة المستقلّة عن القرآن

هذا القسم من السنّة حجّة بالإتفاق أيضا، إلاّ ما نقل عن بعض الخوارج أنّهم قالوا: لا نأخذ منها إلاّ ما وافق القرآن. والحجّة عليهم في عموم أدلّة الحجيّة التي لم تفرّق بين سنّة وسنّة، وكقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (النور: 63)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: (ألاّ وإنّي أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه) (31).

ثالثا: حجيّة خبر الواحد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير