إنّ علم أصول الفقه علم قديم وجد بوجود الاجتهاد والفتوى، وذلك من عهد الصحابة إلى عصر الأئمة المجتهدين، لكن أول من جرّد مسائل العلم وجلاّها في مصنّف مفرد هو الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب (كتاب الرسالة) (3)، ثم توالت بعده التآليف على المذاهب الأربعة المشهورة، وصنّف في هذا العلم المتكلّمون وطغى منهجهم على أكثر مصنفات المتأخرين، ومصنفاتهم هي المشهورة المتداولة رغم ما عليها من مؤاخذات.
مقدمة في الأحكام الشّرعية
كل فعل من أفعال العباد إلاّ وله تعلّق بحكم الله تعالى، وحكم الله تعالى هو طلبه أو إذنه أو وضعه (4).
أولا: الطلب وهو أربعة أقسام
1 - الإيجاب: طلب الفعل على سبيل التحتيم، كقوله تعالى: (إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمنت إلى أهلها) (النساء 58).
2 – الندب: طلب الفعل عل سبيل الترجيح كحديث: (لولا أشق على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة) (5).
3 – التحريم: طلب الترك على سبيل التحتيم، كقوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء) (النساء 22).
4 – الكراهة: طلب الترك على سبيل الترجيح، كقول أم عطية: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) (6).
ثانيا: الإذن
وهو الإذن في الفعل والترك ويسمى الإباحة، كقوله تعالى: (وأحلّ الله البيع) (البقرة 275). وكإباحة البكاء على الميت بحديث: (إن العين تدمع وإن القلب يحزن ولا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا) (7).
ثالثا: الوضع وهو ثلاثة أقسام:
1 – جعل الشيء سببا: وهو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، كدخول الوقت لإيجاب الصلاة.
2 – جعل الشيء شرطا: وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة.
3 – جعل الشيء مانعا: وهو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود، كالحيض بالنّسبة إلى الصلاة.
تنبيه: هذه الأحكام المذكورة أمور اصطلح عليها المتأخرون من الأصوليين والفقهاء، فلا ينبغي حمل الألفاظ الشرعية عليها في كلّ الأحوال فقد يراد – مثلا – بالمكروه في الشرع المحرّم، وقد يراد بالواجب المؤكد فعله، وينبغي التنبه إلى أن كثيرا من متقدّمي الفقهاء لم يلتزم بهذه الاصطلاحات في بيان الأحكام الشرعية (8).
توابع الأحكام الشرعية
1) إيقاع العبادة في وقتها المحدد لها شرعا يسمى أداء وإيقاعها بعده يسمى قضاء، وإن فسدت وكان وقتها موسّعا فأعادها المكلّف فيه فذلك الإعادة.
2) ما شرعه المولى عزّ وجلّ أصالة من الأحكام العامة؛ التي لا تختصّ بحال دون حال يسمّى عزيمة كتحريم الخمر ووجوب الصوم، وما شرع على خلاف الأصل تخفيفا على المكلّف في أحوال يسمّى رخصة، كإباحة الخمر للمضطر والفطر للمسافر.
3) فعل المكلّف إذا تمّ كامل الأركان والشروط خاليا من المفسدات والموانع كان صحيحا، فتجزيء العبادة صاحبها ويلزم العقد وينفذ، وإن اختلّ فيه شيء من ذلك كان باطلا، فتعاد العبادة أو تقضى لعدم إجزائها، ويجدد العقد لعدم لزومه.
الفصل الأول: الأدلة الشرعية (؟؟)
http://img155.imageshack.us/img155/5300/graphe1.png
.............................. .............................. .............................. ..............................
1 - مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/ 486) مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 401 - 402).
2 – البحر المحيط للزركشي (1/ 24).
3 – مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 401) الإبهاج لابن السبكي (1/ 4) وقارن بالتمهيد للأسنوي (45).
4 – انظر مباديء الوصول لابن باديس (15).
5 – البخاري (897) مسلم (938).
6 – البخاري (1278) مسلم (938).
7 – البخاري (1303)
8 – مجموع الفتاوى (32/ 241) أعلام الموقعين (1/ 39) جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 157).
(؟؟) أنظر مباديء الأصول (21).
تنبيه: أرجوا من المشرفين الكرام جعل هذه المشاركة في مدخل الموضوع وشكرا