تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الأدلة بتوافرها هي التي جعلت إماما كبيرا كالشيخ أبي زهرة يقول في شهادته عن المذهب المالكي: " وقد اختبره العلماء في عصور مختلفة فاتسع لمشاكلهم واختبره علماء القانون في عصرنا الحاضر فكان مسعفا لهم في كل ما يحتاجون إليه من علاج، لكثرة مجتهديه وكثرة أصوله، ونوع الأصول التي أكثر منها وأنه أكثر المذاهب أصولا ":الإمام مالك: ص: 376.

1 - تحديد المصطلحات:

جرت العادة عند الأصوليين حين تعاملهم مع الحدود ذات الطبيعة التركيبية أن لا يعرفوها إلا من خلال تعريف أجزاء المركب الإضافي، ومفهوم مراعاة الخلاف لا يخرج عن هذا الإطار ن ومن هنا يكون لزاما أن نعرف مركبات اللفظ، باعتبار الإضافة، وباعتبار كونه علما على أصل من أصول المذهب المالكي.

أ- تعريف المراعاة:

-من حيث اللغة: تناولت كتب اللغة مفهوم المراعاة، ووضعت له معاني كثيرة ومتعددة، لكننا لن ندرج منها إلا ما كان أقرب رحما، وأمس صلة بالمعنى الإصطلاحي لذي نريد أن نصل إليه، ومن تلك المعاني ما ذكره الإمام ابن منظور رحمه الله في لسان العرب، حيث يقول: " المراعاة: المناظرة والمراقبة: يقال: راعيت فلانا مراعاة ورعاء إذا راقبته وتأملت فعله ... والنظر إلى الشيء وملاحظته ومراقبته واعتباره والنظر إلى ما يصير إليه ... " 329 327/ 14 329 327/، وفي القاموس: " يقال:رعى الشيء رعيا اي حفظه ولاحظه محسنا إليه " 169/ 1.

-من حيث الاصطلاح: إن المعنى الاصطلاحي لا يبتعد عن المعنى اللغوي ويجري مجراه، بمعنى أن الناظر في الوقائع والنوازل يلاحظ ويرعى قول غيره ويضعه في اعتباره، ويبني عليه، ويعتد به.

ب- تعريف الخلاف:

-من حيث اللغة هناك جدل في العلاقة بين الاختلاف والخلاف وإن كان البعض يرجح أن معناهما عند الفقهاء واحد ((لمن أراد النظر في ذلك فليرجع إلى كليات أبي البقاء الكفوي، وكشاف التهانوي))، ولكن الذي يهمنا أساسا هو التعامل مع المسمى كما هو في كتب الأصول، ونقصد بذلك: مراعاة الخلاف. والخلاف في اللغة نقيض الوفاق، كما يناقض الاختلاف الاتفاق، والاختلاف كما يقول الراغب أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله وأقواله، والخلاف أعم من الضد، لأن كل ضدين مختلفان، وليس كل مختلفين ضدين. مفردات ألفاظ القرءان: 294.

-من حيث الاصطلاح: هو أن تكون اجتهادات الفقهاء وآراؤهم وأقوالهم في مسألة ما متغايرة، كأن يقول بعضهم: هذه المسألة حكمها الوجوب، ويقول البعض: حكمها الندب، ويقول البعض: حكمها الإباحة، وهكذا ... مراعاة الخلاف لمحمد الأمين ولد سالم الشيخ: 86 - 87.

ج- تعريف مراعاة الخلاف:

يذهب الدكتور يحيى سعيدي في كتابه:" مراعاة الخلاف في المذهب المالكي " (68) إلى أن أول من وضع حدا لمفهوم مراعاة الخلاف هو الإمام أبو عبد الله بن عبد لسلام الهواري التونسي (749 هـ) وإن لم يذكر المؤلف مصدره ودليله في دعواه هاته، ولكن بالبحث وجدنا مظانها في كتاب المنتخب للإمام المنجور، ومنار أهل الفتوى للقاني، وكتاب المعيار المعرب عن فتاوى أهل افريقية والمغرب، للإمام العلامة الونشريسي رحمه الله تعالى، وتبعه في ذلك الإمام أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن القباب الفاسي المغربي (779 هـ)، ثم الإمام أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمي التونسي (803 هـ)، ثم إمام الأئمة أبو اسحاق ابراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي رحمه الله تعالى، ويمكننا التسليم بقوله هذا فيما يتعلق بمحاولة وضع الإطار الحدي لهذا الأصل، وإلا فإن عادة قدماء المالكية أنهم كانوا يراعون الخلف دون كبير عناية بمعنى حقيقة هذه المراعاة.

وفيما يلي تعريف كل واحد من هؤلاء الأئمة:

*تعريف الإمام ابن عبد السلام:قال رحمه الله: "هو إعمال كل واحد من الدليلين فيما هو أرجح فيه " منار أهل الفتوى للقاني: 301، والمعيار 388/ 6.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير