تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

*تعريف الإمام القباب: قال عليه رحمة الله: " وحقيقة مراعاة الخلاف هو إعطاء كل واحد من الدليلين حكمه "المعيار: 388/ 6. ويمضي رحمه الله في بيان ذلك فيقول: " إن الأدلة الشرعية منها ما تتبين قوته تبينا يجزم الناظر فيه بصحة أحد الدليلين والعمل بإحدى الأمارتين، فها هنا لا وجه لمراعاة لخلاف ولا معنى له، ومن الأدلة ما يقوى فيها أحد الدليلين وتترجح فيها إحدى الأمارتين قوة ما ورجحانا ما لا ينقطع معه تردد النفس وتشوفها إلى مقتضى الدليل الآخر، فها هنا تحسن مراعاة الخلاف، فيقول الإمام ويعمل ابتداء على الدليل الأرجح لمقتضى الرجحان في غلبة ظنه ... فإذا وقع عقد أو عبادة على مقتضى الدليل الآخر، لم يفسخ العقد ولم تبطل العبادة، لوقوع ذلك على موافقة دليل له في النفس اعتبار، وليس إسقاطه بالذي تنشرح له النفس، فهذا معنى قولنا: إعطاء كل واحد من الدليلين حكمه " 388/ 6.

*تعريف الإمام ابن عرفة:قال غفر الله له: " هو إعمال دليل في لازم مدلوله الذي أًعمل في نقيضه دليل آخر "شرح حدود ابن عرفة للرصاع: 623/ 2. ويزيد كلام ابن عرفة وضوحا، كلام الإمام أبي عبد الله محمد بن قاسم الرصاع الأنصاري التلمساني (894 هـ)، حيث يقول في شرح كلام ابن عرفة: " هو رجحان دليل المخالف عند المجتهد على دليله في لازم قوله المخالف ".

*تعريف الإمام الشاطبي: يقول مفخرة المالكية عليه رحمة الله تعالى: " إعطاء كل واحد منهما أي دليلي القولين ما يقتضيه الآخر أو بعض ما يقتضيه هو معنى مراعاة الخلاف "، ثم يشرح كلامه فيقول: " وذلك بأن يكون دليل المسألة يقتضي المنع ابتداء، ويكون هو الراجح، ثم بعد الوقوع يصير الراجح مرجوحا لمعارضة دليل آخر يقتضي رجحان دليل المخالف، فيكون القول بإحداهما في غير الوجه الذي يقول فيه بالقول الآخر "الموافقات151/ 4.

ويمكننا أن نضيف تعريفا آخر للإمام أبي محمد محمد صالح الهسكوري الفاسي (653 هـ) ذكره عنه الإمام محمد الحجوي الثعالبي في كتابه:" الفكر السامي في تريخ الفقه الإسلامي: حيث يقول: " الأخذ بأقوى الدليلين معا من بعض الوجوه " 544/ 1.

بعد هذا السرد، نلاحظ أن تعريف الإمام ابن عرفة والإمام الرصاع والإمام الهسكوري تعاريف تصب في معنى واحد، وهي أدق وأشمل لكونها تتضمن معنى إضافيا يتمثل في كون المجتهد حين مراعاته للخلاف يعمل بدليل مخالفه ويثبت جميع الآثار الشرعية المترتبة على هذا الدليل، وبذلك يكون قد رجح أحد الدليلن، والترجيح لا يكون إلا إذا كان صفة ملازمة لأحد المتعارضين كما نلحظ أن تعريف الإمامين ابن عبد السلام والقباب تضمنا نوع قيد لمراعاة الخلاف، والمقصود به وقوع التعارض بين دليل المجتهد ودليل مخالفه.

وفي هذا المقام يعجبني جدا أن أميل إلى تعريف أحد الباحثين المعاصرين لمفهوم مراعاة الخلاف، وهو الدكتور محمد أحمد شقرون في كتابه: " مراعاة الخلاف عند المالكية وأثره في الفروع الفقهية "، فقد أورد الدكتور مجمل التعاريف السابقة وعقب عليه بعدد من الإعتراضات تصلح أن تكون ضابطا لتحديد مفهوم دقيق لمعنى مراعاة الخلاف، هذا المفهوم الذي حاول أن يسهم في إيجاده من خلال تدارك ما فات الأئمة الالتفات إليه، يقول الدكتور شقرون معرفا مراعاة الخلاف: " ترجيح المجتهد دليل المخالف بعد وقوع الحادثة، وإعطاؤه ما يقتضيه أو بعض ما يقتضيه " ص: 73، فهو في تعريفه أشار إلى قضية مهمة وهي أن مراعاة الخلاف هي بعد وقوع الفعل وليس قبله، حتى لا يظن ظان أن مجرد المخالة بين دليلين موجب لمراعاة أحدهما، وهو ما فات الأئمة ذكره، وإن كان هو نفسه قد وقع فيما اعترض فيه على بعض الأئمة، وإن كنت أرى أنه استفاد كثيرا من كلام الشاطبي رحمه الله في صياغة المعنى الذي ذهب إليه، حيث يفهم معنى الترجيح الواضح ذكره في كلام الشاطبي الآنف.

2 - موقع مراعاة الخلاف من أصول مذهب مالك رحمه الله تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير