تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: قد تقدم بيان إنفكاك الجهة بين الإنكار على القائل وبين وصف المسألة نفسها بالبدعية.

ثم ذكر ذكر كلام ابن القيم في أن أهل الحديث لا يرون ترك القنوت بدعة ولا فعله بدعة بل من قنت فقد أحسن.

قلت: وهذا وهم من الشيخ الجيزاني –حفظه الله- فغاية ما في هذا النقل هو حكاية مذهب من يرى أن المداومة ليست بدعة ولا تعلق لهذا بمحل النزاع لأنا لا نقول إن من لا يرى القنوت بدعة يلزمه أن يقول عنه بدعة، بل محل بحثنا أن من أدته الأدلة لخلو هذا الباب من أصل شرعي = له أن يصف فعله بأنه بدعة،كما ثبت هذا عن بعض الصحابة.

ثم ذكر كلام الشاطبي: ((وليس من شأن العلماء إطلاق لفظ البدعة على الفروع .. )).

قلت وهذا نقل صحيح عن الشاطبي لكنه خطأ في نفسه وخطأ في دعواه التي شمل بها العلماء.

ثم ذكر الشيخ أربع مسائل كنماذج [القنوت-السبحة-مسح الوجه باليدين-وضع اليدين على الصدر حال القيم]

قلتُ: ولا تخلو مسألة من هذه الأربع ممن أطلق اسم البدعة عليها أو على الأقل الإنكار الذي يدعي المؤلف منعه من السلف كما في القنوت ومسح الوجه أو المعاصرين كالسبحة ووضع اليد.

ثم عقد الشيخ مبحثاً في أسباب الاجتهاد في البدعة كما تجلت له في هذه النماذج وغيرها وسردها سرداً حسناً وإن لم يكن مستوعباً، وأكد أن أكثر ذلك يكون في بعض أنواع البدعة الإضافية؛لأنه يكون لها بعض الحظ من النظر. لكنه أكد أن نفي البدعية هنا لكون القول بها مبنياً على أشياء هي من جنس الاجتهاد والنظر فلا يطلق اسم البدعة عليها.

ثم ذكر أن البدعة قد تدخل المسائل الاجتهادية من جهة أخرى كما إذا صارت شعاراً لأمر لا يسوغ.

قلت:

وبعد هذا العرض يتبين خلط المؤلف بين بابي البدعة والنزاع غير السائغ وخطأ ظنه في الملازمة بين وصف المسألة بالبدعية وبين الإنكار وفي خطأ قوله في ظنه الملازمة بين البدعة والتأثيم، وخطأ ظنه انفكاك الجهة وامتناع اجتماع البدعة والاجتهاد في محل واحد.

تنبيه: يظهر لي أن المؤلف وبعض من وافقه ربما كانوا يخلطون بين تبديع المسألة وبين تبديع المخالف وإطلاق اسم المبتدع عليه وربما هذا هو ما جعلهم يتوهمون ملازمة بين تسمية المسألة بدعة وبين الإنكار، وقد سبق بيان أن اسم المبتدع مرفوع عن المخالف في مسائل الاجتهاد مادام كان متأولاً.

والحمد لله وحده ..

ـ[هشام مشالي]ــــــــ[14 - 04 - 10, 01:43 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

يومًا بعد يوم وأنا أزداد قناعة أن هناك أبوابًا في العلم لا يتكلم فيها إلا من رسخت قدمه في العلم، وشهد له كبار أهل العلم في زمانه، كما هو حال أئمة السلف.

وقد تربيت على يد مشايخي - لاسيما في مرحلة الماجستير - على عدم إعلان النتائج النهائية، والتي يكون فيها نسبة الخطأ إلى علماء أجلاء، والاحتفاظ بها - لا إهمالها - حتى ينضج العقل ويتزبب الحدث بعد أن يتحصرم.

وأنا أتخيل الآن أنّا في زمان الأئمة الأعلام - لا هذا الزمان: زمان الفوضى العلمية - وأنك أبا فهر تقول لأحد الأئمة - وأنت في مثل سنك وعلمك - إن مقولة الشاطبي خطأ في نفسها وفي دعواها، دون أن تنسب هذا القول لأحد من العلماء في حجم الشاطبي، ماذا سيكون حال هذا الإمام (المربي) معك بغض النظر عن صحة الملحظ أو عدم صحته؟

أذكر أني كنت في درس في مصطلح الحديث للدكتور حاتم الشريف في مكة المكرمة - إبان إقامتي فيها - وقد كان يشرح مبحث الرواية عن أهل البدع، وأخذ يؤكد على خطورة التعامل مع مصطلح البدعة دون نظر لتطوره التاريخي منذ عصر السلف مرورًا بالشاطبي وانتهاءً بعصرنا، وذكر أن السلف كانوا يتوسعون في إطلاق لفظ البدعة على كل ما هو مخالف للسنة، ولا يعنون البدعة بحسب تعريف الشاطبي.

وانطلاقًا من تلك النظرة - صحت عندك أم لا - فإن أساسك الذي بنيت عليه مقالتك، ومحل النزاع الذي أشرت إليه، والذي نسبت الخطأ والخلط بسببه إلى أهل العلم، يصير أثرًا بعد عين.

إن لأهل العلم منطلقات ينطلقون منها في مثل هذه الأبواب، يحسن بنا أن نعطي الفرصة لأنفسنا لفهمها وسبر أغوارها، والإحالة إليهم في مثل هذه الأبواب أسلم لديننا.

لم تكن هذه مناقشة علمية للمسألة، فإني أعتقد أن هذا ليس مكانها، وإنما كانت تلك الكلمات نصيحة لا أنتظر عليها ردًا، ولا ينتظر مني أحد تعليقًا على الرد إن وجد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير