تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحقيقة، إن القول بأنه يجب على كل إنسان أن يجتهد في البحث عن حكم الله تعالى في المسألة النازلة به لاشك أنه فيه كلف ومشقة وما جعل الله علينا من حرج، فالقول بأنه يجب أن يبحث بسؤال أكثر من مفتي ثم الترجيح بين الأقوال لا شك وان فيه مشقة خارجة عن المعتاد.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: وذهب بعض القدرية إلى أن العامة يلزمهم النظر في الدليل في الفروع أيضا وهو باطل -الأدلة-:

1 - بإجماع الصحابة فإنهم كانوا يفتون العامة ولا يأمرونهم بنيل درجة الاجتهاد وذلك معلوم بالضرورة والتواتر من علمائهم وعوامهم

ولأن الإجماع منعقد على تكليف العامي الأحكام وتكليفه رتبة الاجتهاد يؤدي إلى انقطاع الحرث والنسل وتعطيل الحرف والصنائع فيؤدي إلى خراب الدنيا

ثم ماذا يصنع العامي إذا نزلت به حادثة إن لم يثبت لها حكم إلى أن يبلغ رتبة الاجتهاد فإلى متى يصير مجتهدا ولعله لا يبلغ ذلك أبدا فتضيع الأحكام فلم يبق إلا سؤال العلماء وقد أمر الله تعالى بسؤال العلماء في قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. انتهى

أما بالنسبة للعامي فإنه يعلم أنه لا يستفتي إلا من غلب على ظنه أنه من أهل الإجتهاد و العدالة وذلك بما يراه من انتصابه للفتيا بمشهد من أعيان العلماء و أخذ الناس عنه وما يتلمحه من سمات الدين.

أما أن يجتهد العامي بالنظر بالأدلة و الأقوال و الترجيح بينها فهو لا يملك النظر على فهم النصوص فهمًا صحيحًا فضلا عن ان يرجح، ولو أعطي دليل لما فهمه بعضهم.

وكذلك بالنسبة لطالب العلم إن لم يكن عنده آلية النظر و الترجيح فكيف يرجح؟ وماذا يفعل إذا وقعت به نازلة؟

فحقيقة لا بد من التفرقة بين من بلغ رتبة الاجتهاد فهذا هو الذي يقول عنه أهل العلم الذي لا يجوز له التقليد لأنه مجتهد

قال ابن قدامة: اتفقوا على أن المجتهد إذا اجتهد فغلب على ظنه الحكم لم يجز له تقليد غيره وعلى أن العامي له تقليد المجتهد

فأما المتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل ولا يقدر على الاجتهاد في البعض إلا بتحصيل علم على سبيل الابتداء كالنحو في مسألة نحوية وعلم صفات الرجال في مسألة خبرية فالأشبه أنه كالعامي فيما لم يحصل علمه فإنه كما يمكنه تحصيله فالعامي يمكنه ذلك مع المشقة التي تلحقه

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير