تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتتمثل هذه المرحلة بما قام به علماء الأصول من إظهار بعض مباحث ومسائل مقاصد الشريعة في تآليفهم وتصانيفهم، ومن أبرز أولئك: إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في كتابه: البرهان، والإمام أبو حامد الغَزَّالي (ت: 505 هـ) في كتابيه: المستصفى، وشفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل، ومسالك التعليل (1).

مزايا هذه المرحلة:

أ - إظهار بعض مباحث علم المقاصد ومسائله.

ب - عدم الإسهاب في مباحث علم المقاصد بياناً وتحقيقاً.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة التَحَوُّل والتدوين:

وفيها إِظهارُ أصول مقاصد الشريعة، وقواعدَ كلية تتعلق بذلك، وتتمثل بما قام به سلطان العلماء العز بن عبد السلام (ت: 660هـ)، في كتابه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والقواعد الصُّغْرى.

مزايا هذه المرحلة:

أ - إظهار أصول المقاصد إظهاراً بَيِّناً واضحاً.

ب - المجيء بمباحث وقواعد في المقاصد لم تُذْكَر من قبل.

ولقد اعتنى الإمام القَرَافي المالكي بتحرير وتهذيب ما قرَّره شيخه العز بن عبد السلام، وذلك في منثور كتبه، وبخاصة كتب: الفروق، والنفائس، وشرح تنقيح الفصول.

المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الاكتمال والنضج:

وتتمثل بما قام به الإمام الشاطبي (ت: 790 هـ)، في كتابه: الموافقات؛ حيث جمع مسائل هذا العلم، وأصَّل قواعده، وحَقَّق مباحثه، حتى قيل: هو مخترع علم المقاصد.

مزايا هذه المرحلة:

أ - اكْتِمال علم المقاصد في جملة مسائله مع تأصيل.

ب - إظهار مقاصد الشريعة كعلم مُسْتَقِل.

ولعل من الأسباب التي دفعت الإمام الشاطبي للعناية بالمقاصد أنه مالكي المذهب، ومعلوم أن من أصول المذهب المالكي: مراعاة المصالح، هذا بالإضافة إلى وجود المَلَكَة التامَّة للاستنباط والتعليل عند الإمام الشاطبي، والقوة في علم اللسان والعربية.

فوائد علم مقاصد الشريعة

لعلم مقاصد الشريعة فوائد جمة، يمكن إجمالها وجمعها في أربع فوائد كبرى:

أولها: إن العلم بها يشير إلى الكمال في التشريع والأحكام.

قال الله تعالى: إنا كل شيء خلقناه بقدر، وتندرج الأحكام الشرعية تحت خلق الله المقَدَّر بحكمة.

قال ابن القيم: (إنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئاً عبثاً ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة، هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا) (2)، وقال: (إن كل ما خلقه وأمر به: فله فيه حكمة بالغة، وآيات باهرة؛ لأجلها خلقه وأمر به) (3).

ثانيها: إن العلم بالمقاصد يفيد معرفة مراتب المصالح والمفاسد، ودرجات الأعمال في الشرع والواقع، وهذا مُهِمّ عند الموازنة بين الأحكام.

يقول ابن تيمية: (والمؤمن ينبغي له أن يَعْرف الشرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة، كما يَعْرف الخيرات الواقعة، ومراتبها في الكتاب والسنة، فيُفَرِّق (بين) أحكام الأمور الواقعة الكائنة، والتي يُراد إيقاعها في الكتاب والسنة، ليقدِّم ما هو أكثر خيراً وأقل شراً على ما هو دونه، ويَدْفع أعظم الشرين باحتمال أدناهما، ويَجْتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما، فإنّ من لم يَعْرف الواقع في الخلق، والواجب في الدين: لم يَعْرف أحكام الله في عباده، وإذا لم يَعْرف ذلك كان قوله وعمله بجهل، ومن عبد الله بغير علم كان ما يُفْسِد أكثر مما يُصْلِح) (4).

ثالثها: إن العلم بالمقاصد نافع في تَعْدية الأحكام، من الأصول إلى الفروع، ومن الكليات إلى الجزئيات، ومن القواعد إلى التفريعات، يقول الغزَّالي: (الحكم الثابت من جهة الشرع نوعان:

أحدهما: نَصْب الأسباب عللاً للأحكام، كجعل الزنا مُوجباً للحد، وجعل الجماع ـ في نهار رمضان ـ موجباً للكفارة، وجعل السرقة موجبة للقطع، إلى غير ذلك من الأسباب التي عُقِل من الشرع نصبها عللاً للأحكام.

والنوع الثاني: إثبات الأحكام ابتداء من غير ربط بالسبب.

وكل واحد من النوعين قابل للتعليل والتَّعْدية، مهما ظهرتْ العلة المتعدِّية) (5).

رابعها: إن العلم بالمقاصد يزيد النفس طُمَأنينة بالشريعة وأحكامِها، والنفسُ مَجْبولة على التسليم للحُكم الذي عرفتْ عِلَّته (6).

إثبات كوْن الشريعة مبنيةً على مقاصد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير