ونسعى الآن في تلمس صورة المشرق العربي في نصوص التركزي، حيث نوه بتلميذه المتميز السيد أمين بري، وهو الطالب الذي اختصه لنفسه واستخلفه على كتبه وأهله لما أخرج من المدينة. لذلك اعترف له بالفضل والأمانة والوفاء. يقول ([16]): [الوافر]
رحلت عن الرسول وصاحبيه**وعن صنوي محمد الأمين
وعن ولدي وأهلي وابن عمي** بمقبرة البقيع من الدفين
وعن كتب حسان لي أسالت**لي على تحصيلها عرق الجبين
عشية لا بطيبة لي أمين **على كتبي سوى بري أمين
فنعم الجار والتلميذ جارا ... أمين أرتضيه ويرتضيني
أما في مصر، فإن صاحبنا جمعته صداقة حميمة بالإمام محمد عبده. ويمكن أن نصادف صدى لهذه الصداقة عبر أبيات التركزي التي تشيد بفضل هذا الإمام وتذكر رتبته المتميزة في المودة والفتوى. يقول ([17]): [الطويل]
تذكرت من يبكي عليه فلم أجد** سوى كتب تختان بعدي أو علمي
وغير الفتى المفتي محمد عبده الصـ** ــديق الصدوق الصادق الود والكلم
وكان على علم وبر صداقنا ... إذا كان من قوم صداق على إثم
وأكثر من ذلك، نقرأ أبياتاً أخرى تنطق علينا بجانب من هذه الزمالة المعرفية، حيث هنأ الشنقيطي الإمام المذكور بأبيات تحتفي بمقدمه وتشيد بعلمه مؤكدة أنه عماد العلم والفضل، إذ يجمع بين الفتوة والفتوى في الوقت نفسه. يقول ([18]): [البسيط]
للجامع الأزهر المعمور عاد على**رغم الحسود فتى مصر ومفتيها
محمد الفحل عبده بدر هالته ... خيراته ديمة هطلاء يؤتيها
سفائن العلم في ذا الشرق الآن غدت**أعلامها بيديه وهو نوتيها
الهوامش:
[[12]) محمد محمود بن التلاميد الشنقيطي، الحماسة السنية الكاملة المزية في الرحلة العلمية الشنقيطية التركزية، مطبعة الموسوعات بشارع باب الخلق، مصر، 1319 هـ، ج 2، ص. 145.
([13]) المرجع نفسه، ج 1، ص. 10.
([14]) أحمد حسن الزيات، مجلة الأزهر، سبتمبر 1961، العدد 2، ص. 291.
([15]) طه حسين، المجموعة الكاملة، المجلد الأول، دار الكتاب اللبناني، 1982، ص. 343.
([16]) محمد محمود بن التلاميد، الحماسة، مرجع سابق، ج 1، ص. 143.
([17]) المرجع نفسه، ج 1، ص. 14.
([18]) ماء العينين بن محمد الأمين بن التلاميد الشنقيطي، حياته وآثاره في اللغة والنحو، جامعة الفاتح، كلية التربية، طرابلس، 1984،
http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad24partie14.htm
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:50 ص]ـ
وممن تتلمذ على يديه أيضا الأستاذ المؤرخ الأديب أحمد تيمور باشا حيث ذكر صاحب مجلة المنار أنه كان يتردد على الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي الكبير، فيتلقى منه ما شاء من علوم اللغة العربية وآدابها.
بل اعتبر صاحب المنار تزكية العلامة التركزي له دليلا كافيا على كفاءته العلمية "على رغم أنف كل ذي حسد ونفاق "!!
وهذا نص كلامه من المجلة:
زعمت مجلة مشيخة الأزهر أن صاحب المنار (قرر أن الملائكة عبارة عن القوى الطبيعية) واحتجت عليه (بالحوار بينها وبين الله تعالى) وبقوله تعالى: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا} (النساء: 136).
فهل يريد محرر هذه المقالة بما بهتنا به أن يعتقد قراؤها الذين أنشئت لإرشادهم بلسان هذا المعهد الإسلامي العظيم أن صاحب المنار لا يؤمن بالملائكة،وهو الذي أنشأ مجلته منذ خمس وثلاثين سنة لدعاية الإسلام والدفاع عنه وتبرئته من البدع والخرافات التي تصد عقلاء البشر عنه وتفتح لهم أبواب الطعن فيه وهو المفسر للقرآن بالجمع بين المعقول والمنقول وتنزيهه عن الخرافات الإسرائيلية وغيرها، وهو المتصدي للإفتاء العام في أصول الدين وفروعه حتى لقبه العلامةالشهير الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي بمفتي الآفاق، على رغم أنف كل ذي حسد ونفاق،"اهـ
ومن نوادر الشناقطة في الحفظ و سرعية البديهة التي ساق بعضا منها محمد بن المختار الشنقيطي في رائعته (لماذا الشناقطة يحفظون):
وجعلت (ملكة الحفظ النادرة، والطاقة الذهنيةالعالية) العلاّمة محمد محمود التّرْكُزي - رحمه الله- ت عام (1322هـ) يزهو بحافظته متحدياً الأزهريين بأنه أحق بإمامة اللغة والاجتهاد فيها منهم؛ لأنه يحفظ القاموس كحفظه الفاتحة، فاستبعدوا ذلك وعقدوا له مجلساً بالأزهر، فكان كما قال، فأقرّوا له وصاروا يصححون نسخهم من نسخة التركزي ـ رحمه الله ـ المحفوظة في صدره!
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:00 ص]ـ
قصيدة "المؤتمر"!:
من نوادر القصائد السائرة في أواخر القرن التاسع عشر. ألفها محمد محمود التركزي الشنقيطي، الشهير بابن التلاميد (ت 1322هـ 1904م) تلبية لطلب سفير السويد بمصر، لتلقى في مؤتمر المستشرقين الثامن المنعقد في (استكهولم) وكان ملك السويد (أسكار الثاني) أرسل إلى السلطان عبد الحميد عام 1306هـ 1888م مبدياً رغبته في أن يقوم ابن التلاميد بحضور المؤتمر، وقام سفير السويد بمصر (الكونت: كارلو لاندبرج) بالإشراف على متطلبات رحلة ابن التلاميد، الذي اشترط أن تكون الرحلة بصفة ترفع شأن الإسلام وأهله، وأن ينتخب ثلاثة أو أربعة من أهل العربية، ويستصحب مؤذناً وطهاة للمسلمين. كما طلب السفير المذكور أن يقوم ابن التلاميد بإنشاء قصيدة على أسلوب القدماء، لا على أسلوب المعاصرين وقتها، ولبى ابن التلاميد طلب السفير ولكنه لم يحضر المؤتمر لعدم تنفيذ شروطه. والقصيدة زهاء 200 بيت، أولها:
ألا طرقت مي فتى مطلع النجم ** غريبا عن الأوطان في أمم العجم
وفيها قوله يشيد بأسكار ملك السويد:
مآدب كل الناس للطعم وحده * ومأدبتا 'أسكار' للعلم والطعم
دعا دعوة للعلم عمت وخصصت * فأضحى بها 'أسكار' يعلو على النجم
دعا الجفلَى كل الأنام معمما * وبالنَّقَرَى كنتُ المخصص بالاسم!
القصيدة كاملة مع طائفة من شعره في مجلة عالم الكتب (مج10 صـ400)
عن موقع الوراق بتصرف يسير.
¥