تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثُمَّ ترجمته للأستاذ محمّد مرسي الخوليّ الّذي قال عنه: "لقد كان محمّد مرسي الخوليّ آخرَ حارسٍ من حرّاس معهد المخطوطات، هذا الصّرح الشّامخ الباذخ، الّذي قدّم للتّراث الإسلاميّ والعربيّ الكثير".

وكذلك مقالته عن بنت الشّاطئ وتحقيق التّراث، والّتي يقول فيها عن بنت الشّاطئ إنّها خاضت لُجّة هذا البحر وهي مؤمنة بقضيّة كبرى، هي قضيّة ذلك التّراث العربيّ، وواجبنا نحو إبرازه وكشفه وإضاءته، لتقوم عليه الدّراسات الصّحيحة، فلا دراسة صحيحة مع غياب النّصّ الصّحيح المحرّر. وقد بدأ هذه المقالة بتقرير حقيقة أنّ المستشرقين كانوا أسبق منا نحن العربَ في إذاعة تراثنا ونشره، ويذكر من أسماء من برّز منهم في هذا المجال ديرنبورج، ناشر "كتاب سيبويه"، وهو فرنسيّ، ووليم رايت الإنجليزيّ، ناشر الكامل للمبرّد، وتشارلز لايل الإنجليزيّ، ناشر شرح المفضليّات للأنباريّ، وبيغان الإنجليزيّ، ناشر نقائض جرير والفرزدق، وكرنكو، وهو أغزرهم إنتاجًا. ويمضي فيذكر من اشتهر في هذا المجال من المستشرقين الإسبان والهولنديين والألمان. وكذلك يذكر وستنفلد، وقد قال فيه: "ولا يدانيه أحد من المستشرقين في كثرة ما نشره من نصوص، وقد قضى عمره كلّه مكبًّا على العربيّة، في لغتها وأدبها وتاريخها وجغرافيتها، وقد ألّف وحقّق في ذلك كلّه نحو مائتي كتاب بين صغير وكبير، ومن أبرز ما نشره: السّيرة النّبويّة لابن هشام، والمعارف لابن قتيبة، ومعجم ما استعجم للبكريّ، ومعجم البلدان لياقوت". ثم يذكر عددًا من المستشرقين الرّوس، ليدلف إلى من اشتهر في هذا الباب من العلماء العرب، فيذكر أطوادًا شامخة من مصر وسوريّة والعراق والمملكة العربيّة السّعوديّة وتونس والمغرب الأقصى. ولا ينسى أن يمرّ بالهند ليذكر ممن اشتهر من علمائها بتحقيق التّراث العلّامة عبد العزيز الميمنيّ الرّاجكوتيّ، والسّيّد بدر الدّين العلويّ، والسّيّد محمّد يوسف، وحبيب الرّحمن الأعظميّ، وعبد الصّمد شرف الدّين.

وإن كان الطّناحيّ خلص من هذا الذّكر إلى أنّ هذا العلم هو علم الرّجال، إذ لا يُرى للمرأة فيه أثر كبير، ولم تظهر أسماء النّساء فيه إلا من خلال بعض الأطروحات الجامعيّة، فإنّه يذكر أسماء عدد محدود من المحقّقات النّابِهات، كابتسام مرهون الصّفّار من العراق، وفاطمة حمزة الرّاضي، وغيرهما. على أنّه يتوقّف عند الأديبة اللّبنانيّة وداد القاضي الّتي زاحمت كبار المحقّقين الرّجال، قال: "ولا عجب في ذلك، فقد تلقّت أصول هذا الفنّ على يد شيخها إحسان عباس، وقد أعانته في نشر موسوعاتٍ تراثيّةٍ كبارٍ مثل وفيات الأعيان، وفوات الوفيات، وذخيرة ابن بسّام، ونفح الطّيب". ومن أبرز تحقيقاتِها "البصائر والذّخائر"، وقد كان نشره، كما يقول الطّناحيّ، عزمة من عزَماتِها، إذ كان أحمد أمين والسّيّد أحمد صقر قد نشرا منه جزءًا واحدًا عام 1953 ثم توقّفا عن نشره.

ولا ينقضي عجبك وأنت تقرأ أسماء نساء عملن في مجال تحقيق النّصوص في عالم الاستشراق، ممّا يدلّ على أنّ الطّناحيّ قد وهب لهذا الفنّ حياته، وخبره ظهرًا لبطن، وعرف مداخله ومخارجه، ورجاله ونساءه.

على أنّ الّذي فاز بالسّهم الأغلب من الحديث عنه في هذا المجال هو الشّيخ محمود شاكر، وقد مرّ من خبره ما يشي بذلك ويُبين عنه، وكذلك أخوه الأكبر الشّيخ أحمد شاكر الّذي وصفه الطّناحيّ بأنّه واضع أصول نشر التّراث بتحقيقه لكتاب الرّسالة للإمام محمّد بن إدريس الشّافعي، وذكر من أعماله تحقيق أجزاء من "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ومن "سنن التّرمذيّ" و"المعرّب" للجواليقيّ، و"لباب الآداب لأسامة بن منقذ". وقد كتب الطّناحيّ مقالات عدّة كَسَرها على الشّيخ محمود شاكر، تناول فيها جهوده في تحقيق التّراث، منها مقالة عنوانُها: "محمود شاكر ومنهجه في تحقيق التّراث"، ومقالة عنوانُها: "الشّيخ محمود شاكر وتاريخ ضخم"، وغيرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير