تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- على عكس كثير مما يظن الناس فإن والدي –رحمه الله- كان مؤمنا شديد الإيمان بالله وكان يؤدي فروض ربه، ويتصدق كثيرا، ولم يؤذ إنسانا قط في حياته رغم شدة المعارك، ووضاعة الأساليب للنيل من سمعته وتاريخه، لكن الحق ظاهر فلا يجب اتباع الظن، فقد قال تعالى «إن بعض الظن إثم» لكنه لم يكن نبيا ولا ملاكا، بل كان بشرا.

هل كنت تعرف أشخاصا من مصر أو من البلدان العربية في منفاك؟

- لقد حرص والدي إبان تلك الفترة على ألا أقيم وشقيقاتي أية علاقات مع أشخاص من مصر أو من المنطقة العربية، حيث كانت الأوضاع السياسية متوترة وقلقة، فكان يخشى على حياتنا؛ فلم تكن لنا أية صداقات مع مصريين أو عرب طيلة فترة صباي ومطلع شبابي، وكان أبي يعوضنا بصداقته لنا، وكانت بالفعل أسعد أيام حياتي حينما كنا نقضي معه أوقات العطلة المدرسية، كان شديد الحنان والكرم والحب، ولم يحمل أية ضغائن لأي شخص مهما بلغت درجة عداوته لوالدي.

قلت: إن والدك كان يحثك على دراسة تاريخ بلدك، فهل درسته أم دراستك الجامعية حالت دون ذلك؟

- بعد الانتهاء من دراستي الجامعية؛ عكفت على دراسة تاريخ بلدنا العريق، وتوسعت في دراسة الفترة التي حكمت فيها عائلتي مصر، وهي 165 سنة، وعرفت ماذا قدمت أسرتي وعائلتي لمصر، وإني فخور جدا بأنني مصري، وأحمد الله على كون عائلتي صنعت مجد وتاريخ مصر الحديث.

هذا هو والدك الأب، فماذا تعرف عن والدك الملك؟ هل عرفت عنه شيئا من والدتك أم من الكتب أم من المخلصين له؟

- عرفت والدي الملك أولا منه شخصيا، ومن والدتي الملكة ناريمان، ثم من بعض خاصته ومستشاريه، وأحب أن أوضح لكم أن والدي –والحق يقال- حينما كان ملكا كان محبوبا لدى الشعب المصري، وكان المصريون يهرعون إلى لقائه والهتاف بحياته، تلك حقيقة تاريخية ويعرفها جميع المواطنين الذين عاصروه، وقد لمسوا منه صدق حبه إلى بلاده، فهو أحب مصر بقوة، وكان ملكا وطنيا ضد الاحتلال البريطاني، وكسر أنيابه واحتقر عملاءه، وكاد بسبب ذلك يفقد عرشه عندما حاصرت دبابات جيش الاحتلال قصر عابدين في حادثة 4 فبراير 1942 الشهيرة.

بكل صراحة ماذا كانت مأساة الملك فاروق؟

- مأساة الملك فاروق أنه أصبح ملكا في السادسة عشرة من عمره، وعندما بلغ الثامنة عشرة كانت الحرب العالمية الثانية قد شبت، واضطربت الأحوال الإنجليزية فيها؛ لانتصار القائد الألماني روميل على حدود مصر الغربية، فكان تخبطهم واضطرابهم ونزقهم في التعامل مع السيادة الوطنية المصرية؛

ويسكت آخر ملوك مصر، ويرحل بخاطره بعيدا ينهل من ذاكرته عبق التاريخ الخاص بوالده، وبنفس الحرارة والحماس، والنبرة الهادئة التي بدأ بها حواره معنا يقول:

والدي هو الذي أدرك توحيد البلدان العربية، فدعا ملوك ورؤساء العرب في أول قمة عربية في أنشاص؛ لإقامة جامعة الدول العربية، والرحلة الرسمية الوحيدة التي قام بها والدي إلى الخارج كانت إلى المملكة العربية السعودية؛ حيث كانت الصداقة بين مصر والسعودية متينة، وهي التي كانت وراء قيام جامعة الدول العربية.

هناك أمر آخر أود تسجيله ألا وهو أن والدي الملك فاروق هو الذي أمر الجيش المصري بالزحف إلى فلسطين في مايو 1948؛ للحيلولة دون قيام إسرائيل على أنقاض الوطن العربي في فلسطين، وأعلن الحرب بالرغم من أن رئيس الوزراء في ذلك الوقت محمود فهمي النقراشي باشا عارض بشدة؛ لكونه ود تأجيل القرار.

ويا ليته سمع حتى يستعد أفضل، فقد ذهبنا إلى الحرب دون استعداد وتدريب، وكانت قضية الأسلحة الفاسدة.

لم يكن يتخيل أن دولة عربية يمكن ابتلاعها في مسرحية دولية، فلم ينتظر، وكان صادقا في وطنيته، وواثقا في جيشه لكن لسوء الحظ لم ينجح الجيش المصري في إنقاذ فلسطين المهم هنا أن إرادة والدي كانت واضحة ضد قيام دولة إسرائيل، ودخل وجازف بالحرب دفاعا عن العروبة والقومية واستمرار الوطن فلسطين، والحفاظ على حقوق شعبه المظلوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير