كان خيل عارفا متمكنا من اللغة العربية, و دافع عن الاحتلال الإسباني لشمال المغرب معتبرا إياه وسيلة لتوحيد ضفتي المضيق, اللتان ليستا سوى كتلة جغرافية و ثقافية واحدة تصدّعت ثم انقسمت بعد زوال الأندلس. و تنبني نظريته هذه على الأساس التالي: في فترة الانحدار التي عاشتها شبه الجزيرة الأيبيرية, قام سكان العدوة المغربية بالعبور لإسبانيا و ساعدوا أهلها على خلق (و ليس استيراد) ثقافة عظيمة؛ و الآن يحدث العكس, حيث يوجد سكان شمال إفريقيا في مأزق و على أبناء عمومتهم بشبه الجزيرة أن يساعدوهم على استرجاع (و ليس استيراد) عظمتهم الثقافية الماضية". طبعا لم تكن هذه النظرية العاطفية هي المحرّك لمدبري احتلال المغرب, بل هي تصفيات الحسابات التاريخية و الرغبة الصليبية الحاقدة في الانتقام ممن أدخل الإسلام لأوربا.
يقول خيل ابن أمية:" من المستحيل قطعا خلق فارق مطلق بين الكلمتين: إسبانيا و المغرب, فوضع خط للفصل يؤدي لتجاهل كل الملامح المشتركة", ثم عدّ تلك الملامح:"أسبان من أصول مغربية و مغاربة من أصول إسبانية؛ مغاربة ذوي جنسية أو حماية إسبانية؛ من يسمون بالأسبان المرتدين الذين ذابوا في النسيج المغربي عبر ارتداد عرقي ( Atavismo racial)؛ مغاربة أفريقيا الذين يحملون أسماء ك غرسية Garcia, كراكشو Carrasco, ملين Molina, أركون رويز Aragon Ruiz, شمورو Chomorro, الركينة Requena؛ أسبان يتباهون بألقابهم ك مدينة Medina, البرنس Albornoz, القنطرة Alcantara, مرينو Merino , مران Marin أو شيكو Checo؛ مغاربة و أسبان ينحدرون من نفس الجذر الأندلسي يحملون ألقابا ك بركاش Vargas, بنيغش Venegas, بنيس Albeniz, الطريس Torres, الثغري Zegri, الكراز Alcaraz, الرندة Ronda" (1)
هذا الأسلوب في التفكير جعل خيل يتبنى موقفا وسطا بين التعاون مع مؤسسات الاحتلال الإسباني للمغرب و تعاطفه مع الوطنيين المغاربة. هذا التداخل في الأحاسيس و الولاءات توضحه بجلاء رسالته إلى أحمد بلافريج سنة 1933. (سنرى إن شاء الله جزءا من الرسالة أدناه).
يقول "أب الهوية الأندلسية المعاصرة" بلاس انفانتي عن خيل ابن أمية: "أكثر من مليون شخص من إخواننا الأندلسيين المطرودين ظلما من أرضهم – و قضايا الشعوب لا تموت أبدا – مشتتون من طنجة إلى دمشق, حسبما أفادني به قبل سنة أحد أبطالنا الأشداء, المثقف الدءوب خيل ابن أمية. إن ذكرى الوطن ( ... ) أقوى من أن تُنسى, تتجدد كل يوم. إنهم (يقصد الأندلسيين المطرودين) يشكلون, باعتراف الشعوب الشقيقة التي تستضيفهم, نخبة الدم و الضمير بهذه البلدان. لقد عايشتهم, و عانيت معهم و تمنينا معا الانعتاق المشترك, لأن هذا الانعتاق إمّا أن يكون مشتركا أو لا يكون أبدا".
قبل سنوات كتب ابن خيل (و اسمه أيضا Rodolfo Gil Benumeya Gremau) عن والده: ("صحيح أني لست مغربيا. لكنني مسلم ( ... ). أنا قبل كل شيء أندلسي, أي عربي و أشتغل لصالح إسبانيا لأن بلدي يشكل الآن جزءا منها, على أمل إعادة بعث إسبانيا العربية". هذا ما كتبه مورسكي في رسالة سنة 1933. و هي رسالة مسطورة بالآلة الكاتبة و تحمل تاريخ 7 يوليوز من نفس السنة, من والدي رودلفو خيل ابن أمية إلى أحمد بلافريج, الزعيم المعروف و المناضل السياسي المغربي المنتمي لحزب الاستقلال و الذي عمل وزيرا ثم وزيرا أولا بعد حصول المغرب على الاستقلال. تناقش الرسالة السياسة الفرنسية و الإسبانية, و موقف الزعماء الوطنيين لدول الجنوب اتجاهها, و ليس هنا موضع بسطها. من المؤكد أن بلافريج هو اسم مورسكي, أصله من Palafresa و قد كان يحمله أحد الزعماء الأورناتشوس المهاجرين الذين استقروا بسلا الجديدة و الرباط؛ و ظهرت تواقيع Palafresa في عدة وثائق مرتبطة بالجمهورية"القرصانية" المغربية الجديدة التي أسسها الأورناتشوس و الأندلسيون, و قد درس كييرمو كوثالبيث Guillermo Gozalbez هذه الوثائق. يعود أصل ابن أمية إلى مولاي عبد الله البالوري. تحرّك والدي خلال فترة شبابه كثيرا بين المغرب و إسبانيا ( ... ) و شارك منظِّرَ الأندلس الجديدة بلاس انفانتي أفكاره و أنشطته, و كان يكنّ له الاحترام و التقدير, و إن كان خيل بعد الحرب الأهلية أبدى في بعض كتبه انتقاده للموقف, المتردد حسب خيل, الذي أدى بالمفكر إلى الموت ... "
¥