تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[24 - 08 - 09, 01:26 ص]ـ

معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ

تأليف المهندس المعماري: عبد العزيز بن عبد الرحمن كعكي

بقلم الشيخ: حمد الجاسر

أي مسلم لا يهفو قلبه، ويخطر بباله أطيب الذكريات حين يذكر اسم طيبة الطيبة تلك المدينة الطاهرة التي شرفها الله جل وعلا وأعلى ذكرها، ورفع قدرها، وأحلها في قلوب عباده المؤمنين منزلة سامية، ومكانة من الإجلال والتقدير في نفوسهم، لاختيارها دار هجرة أشرف الرسل وخاتمهم، ومُتَبَوَّأً له عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم يعيش بين ربوعها الطاهرة، يحف به من آله وأصحابه صفوة خلق الله ممن بذل النفس والنفيس في تقديره، ومناصرته في إبلاغ رسالة ربه، ونشر دعوته إلى جميع الناس، تلك الدعوة التي قامت على أقوى الأسس وأعدلها، وأوضحها منهجاً، وتحقيقاً لسعادة الإنسان في دنياه وأخراه، وتوضيحاً وإرشاداً بخير الوسائل وأحكمها، لفهم مقاصد تلك الرسالة، القائمة على مابلغه الله من وحيه وأنزله مفصَّلاً ومبيناً في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وبما صح وثبت من سنته، قولاً أو فعلاً، حتى أبلغ صلى الله عليه وسلم تلك الرسالة على أكمل وجه، وأوضح نهج، وترك من وفقهم الله لطاعتهعلى المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فاختاره الله لجواره، وكما اختيار هذه البلدة الطيبة، دار هجرته، ومقر الصفوة من صحابته رضوان الله عليهم شرفها بأن تكون مقراً لجدثه الطاهر.

لابدع إذن أن تنال من اهتمام من أكرمهم الله بمزيد من فضله، واختصهم بما أوجد في قلوبهم من محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم وإدراك مقاصد شرعته، وما لهذه البلدة من منزلة في نشر تلك المقاصد في الخافقين، أن يولوها من العناية ما هي جديرة به، فتبادروا في إيضاح جوانبها، من عمران مسجدها الكريم، وإبراز الثابت المأثور مما هو بحاجة إلى إبراز، مما يتعلق بماضيها وحاضرها.

فكان أن اتجه من اختارهم الله لصحبة نبيه الكريم، ممن عرفه حق المعرفة، وشاركه في جميع حركاته، وناصره في غزواته لإيضاح جميع ما يعرفون من أحواله لمن بعدهم ممن صرف همته لإجلاء تلك الأحوال الكريمة بأوضح صورة، وكان أن بدأ تدوين السيرة المطهرة في القرن الأول من القرون المفضلة بنص الحديث الشريف عنه عليه أفضل الصلاة والتسليم: خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وكان أول من عني بذلك أبان (1) ابن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد روى الزبير بن بكار في كتابه أخبار الموفقيات (2) هذا النصحدثني عمي مصعب بن عبدالله عن الواقدي قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عبدالرحمن بن يزيد قال: قدم علينا سليمان بن عبد الملك حاجاًّ سنة اثنتين وثمانين، وهو ولي عهد، فمرَّ بالمدينة، فدخل عليه الناس، فسلموا عليه، وركب إلى مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم التي صلى فيها، وحيث أصيب اصحابه بأحد، ومعه أبان بن عثمان، وعمرو بن عثمان وأبو بكر بن عبدالله بن أبي أحمد، فأتوا به قباء، ومسجد الفضيخ، ومَشرَبة أم إبراهيم، وأحد، وكل ذلك يسألهم، ويخبرونه عما كان، ثم أمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي صلى الله عليه وسلم ومغازيه، فقال أبان: هي عندي، قد أخذتها مصححة ممن أثق به, فأمر بنسخها وألقى فيها إلى عشرة من الكتاب، فكتبوها في رقٍّ، فلما صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين، وذكر الأنصار في بدر، فقال: ماكنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم، وإما أن يكونوا ليس هكذا, فقال أبان بن عثمان: أيها الأمير لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه، إن القول بالحق: هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا, قال: ما حاجتي إلى أن انسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين، لعله يخالفه، فأمر بذلك الكتاب فحرق، وقال: أسأل أمير المؤمنين إذا رجعت، فإن يوافقه فما أيسر نسخه, فرجع سليمان بن عبدالملك فأخبر أباه بالذي كان من قول أبان، فقال عبدالملك: وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل، تعرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها, قال سليمان: فلذلك يا أمير المؤمنين أمرت بتخريق ما كنت نسخته حتى استطلع رأي أمير المؤمنين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير