الله عليه وسلم – والوحي ينزل عليه، وهو خير وأبقى وأبر وأعلم ممن سواه من الناس (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). [آل عمران:159]. وقال للقوم وهو يصف حسن أعمالهم: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ). [لشورى:38].
يتبع ...
ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[20 - 01 - 10, 07:30 م]ـ
*الخليفة هارون الرشيد: (170هـ/786م –193هـ/808 م):
اهتم الخليفة الرشيد بشكل واضح بالقضاء، فكان يعين القضاة بنفسه، ويتابع أمورهم، فيعزل بعضهم، يستبدل بآخرين، ويرى الدكتور عبد الرازق الأنباري أن هذا الاهتمام الكبير من قبل الرشيد بالقضاء جعله يستحدث منصب قاضي القضاة ليلي هذه المهمة قاضياَ كبيراً يتولى جانباً من مسؤوليات الخليفة في القضاء وبتخويل منه.
ومن منطلق العمل بالكتاب والسنة الذي نادت به السلطة العباسية ولتقريب الفقهاء إليها .. وقف الخلفاء العباسيون في وجه الحركات المبتدعة التي سعت إلى ضرب الإسلام والتشكيك فيه.
وكان الرشيد يستشير الفقهاء والعلماء في أمور الدولة الهامة، كما كانوا يشهدونهم على الكتب الهامة فقد أشهد القضاة والفقهاء على ما كتبة لأبنائه من بعده، ويُلاحظ اهتمام بالغ من قبل الخليفة الرشيد بالفقهاء، فكان إذا حج أحج معه مائة من الفقهاء، كما كان يستمع للمواعظ، ويبكي لذلك، وعندما سمع الرشيد بخبر وفاة الفقيه عبد الله بن المبارك استرجع، وأمر وزيره الفضل بن الربيع أن يأذن للناس بتعزيته لوفاه ابن المبارك، فأظهر الوزير تعجباً، فقال الرشيد: ويحك إن عبد الله بن المبارك هو الذي يقول:
اللهُ يدفعُ بالسلطان معضلةً
عن ديننا رحمةً منه ورضوانا
لولا الأئمةُ لم تأمنْ لنا سُبلٌ
وكان أضعفُنا نهباً لأقوانا
وكان الرشيد يطلب من بعض العلماء تدريس أبنائه، فقد كان يبعث أولاده محمد وعبد الله إلى الفقهاء والمحدثين، فيسمعون منهم ورحل الرشيد بولديه محمد وعبد الله لسماع الموطأ على الإمام مالك بن أنس، وكان هارون الرشيد يصحب العلماء والأولياء، ويحافظ على الصلوات والعبادات، ويصلي الصبح في وقته، ويغزو عاماً ويحج عاماً، وكان يتصدق كل يوم من صلب ماله بألف درهم، ويصلي في كل يوم مئة ركعة.
وتتلمذ على علماء كبار، عرفوا بالورع والتعفف، أمثال: علي بن حمزة الكسائي أحد شيوخ القراءات السبع وإمام من أئمة الكوفة في اللغة والنحو والأخبار، وجالس في شبابه فقهاء عصره، كأبي يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهما من القضاة ورجال الاجتهاد في الفقه الإسلامي، وبقي على صلته بهم حتى آخر أيامه. وكان لشدة تمسكه بالدين يكره المراء والجدل فيه ويقول: إن الجدل في الدين شيء لا فائدة منه، وبالأحرى أن لا يكون فيه ثواب.
وقد أجمع الرواة والمؤرخون على أنه كان من أرق الخلفاء وجهاً، وأكثرهم حياء، وأخشعهم قلباً، وأغزرهم دمعاً عند الموعظة الحسنة. وكان من أروع ما قيل له في الوعظ ما قاله له البهلول لهارون الرشيد: هب أن مملكة الدنيا تُساق إليك أليس آخر ذلك كله الموت، فآخر ما ترى القبر واللحد والثرى؟ وإياك والظلم فإن الملك إذا اشتهر بالظلم بغضته الرعية، وإذا بغضته الرعية خالفته، والمخالفة سبب المحاربة، فالفتنة نجوى ثم شكوى ثم بلوى.
يتبع ...
ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[17 - 02 - 10, 03:29 م]ـ
* فهم هارون الرشيد للقران الكريم والعيش معه:
تعدى ناسك للرشيد وهو في صيده، فوعظه وأغلظ عليه فقال الرشيد: يا هذا أنصفني في المخاطبة والمسألة!! قال الناسك: ذاك أقل ما يجب لك قال: أخبرني: أأنا شر وأخبث أم فرعون؟ قال: بل فرعون. قال فأخبرني: أأنت خير أم موسى بن عمران؟ قال: موسى صفي الله وكليمه. قال الرشيد: أفما علمت أنه لما بعثه الله وآخاه هارون إلى فرعون في عتوه قال لهما: (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى). قال: نعم. قال: هذا فرعون في عتوه وجبروته وأنت جئتني وأنا بهذه الحالة التي تعلم أؤدي فرائض الله عليّ، ولا أعبد أحداً سواه، واقفاً عند أكبر حدوده وأمره ونهيه فوعظتني بأغلظ الألفاظ وأشنعها وأخشن الكلام وأفظعه فلا بأدب الله تأدبت ولا بأخلاق الصالحين أخذت فمن كان يؤمنك أن أسطو بك، فإذا أنت وقد عرّضت نفسك لما كنت عنه غنياً؟ قال الناسك: أخطأتُ يا أمير المؤمنين، وأنا أستغفر
¥