تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن كل هذه الصور، والمواقف، والإرشادات، عن سيرته، وعن شمائله، وأخباره لتدل دلالة واضحة في الجملة والتفصيل على أن القرآن هو المعجزة الخالدة التي وَضَّحت وأظهرت نبوته r ( )، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد العالمين.

ففي القرآن أساس السيرة ومنبع الأحداث وجميل العرض لها. وكم نحن بحاجة إلى أن نعرض ما حوته كب السيرة على القرآن الكريم محاولين معرفة صحيحها من سقيمها ومجملها من تفصيلها عامها من خاصها ....

ففي القرآن نجد بغيتنا ونهتدي إلى سبيل الحق والرشاد بإذن الله تعالى.

من هذا المنطلق ولهذه الغاية أحاول في هذا البحث المتواضع أن أضع بين يدي الكاتب والباحث في السيرة النبوية قواعد لنقد مرويات كتب السير والمغازي بالعرض على القرآن الكريم.

وكلامي مقتصر بما يخص القرآن الكريم وإلا فإن من مصادر السيرة أيضا كتب الحديث والتي تحوي أحاديث كثيرة في المغازي والسير. وموضوع الأحاديث ونقد المرويات بالنسبة للأحاديث الصحيحة وعرضها مقارنة ببعضها قد تكلم عنه زملائي في بقية أبحاثهم.

وقد قمت بتقسيم بحثي إلى مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة:

المطلب الأول:مقارنة بين حديث القرآن الكريم وحديث كتب السيرة عن السيرة النبوية

المطلب الثاني: أنواع مرويات السيرة مقارنة بما جاء في القران الكريم

المطلب الثالث: نقد مرويات السيرة في ضوء القرآن الكريم:

المطلب الأول

مقارنة بين حديث القرآن الكريم وحديث كتب السيرة عن السيرة النبوية

أولا: إن كتب السيرة النبوية على وفائها وشمولها ووقوفها بالتفصيل أمام الأحداث والوقائع فإنها مع هذا كله لم تكد في معظم حالاتها تجاوز ما جاء من الوقائع والأحداث نفسها في القرآن الكريم

ثانيا: إن كتب السيرة في مجملها وقفت عند حد تسجيل الوقائع والأحداث ووفقت في ذلك إلى حد بعيد بحيث بات لدينا سجل حافل بكل ما نحتاج اليه لتتبع مراحل الدعوة وتفاصيل أحداثها. لكن تقييم هذه الأحداث وتقديرها والحكم عليه (أخذ العبرة والعظة والتعليق على الحدث) هذا ما انفرد به القرآن الكريم اذ انه ينتهي من ذكر الحادثة فيعلق عليها.

كقوله تعالى عن حادثة الإفك: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ {11} لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {12} لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {13} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {14} إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {15} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ {16} يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {17} النور.

فنرى في سياق هذه الآيات تقييما وتعليقا لا نراه في كتب السيرة:

1 - قررت الآيات ومنذ البداية أن ما قيل وما يقال حول هذا الموضوع هو إفك وافتراء.

2 - في هذا الحدث فوائد عظيمة وجليلة وأبرزها الكشف عن كيد المنافقين وأن فيه خيرية للمجتمع المسلم.

3 - بيان موقف المسلم من مثل هذه الأحداث " لولا إذ سمعتموه ..

4 - الحكم الشرعي في القذف وكيفية إثباته " لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ...

ومثل هذه الأمور لا تعتني بها كتب السيرة لان الهدف هو سياق القصة والوقائع فقط "مجرد سرد للأحداث".

ثالثا: ان الحديث الذي ترويه كتب السيرة يبقى مجرد حدث مرتبط بزمانه ومكانه وأشخاصه.لكنه عندما يروى في القرآن الكريم يتحول إلى درس كبير يتجاوز ظروف الحدث مكانا وزمانا وأشخاصا. حيث يصبح قضية عامة ومبدأ يعامل به كل المسلمين في كل زمان زكل مكان متى تشابهت ظروفهم وظروف هذا الحدث الخاص.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير