تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - مرويات السيرة و التاريخ (الضعيفة و الواهية و هي كثيرة) كانت و لا تزال مرتعا خصبا لأهل البدع و الباطل، لتلبيس الحقائق و التشبث بأوهى الأدلة و بث الشبهات و السموم في عموم الأمة، في العقائد و الأحكام و التاريخ و غير ذلك. فينطلقون من روايات واهية من هذه السير و مرويات التاريخ لبناء صرح مشيد من الأباطيل في العقائد و الأحكام، و المطلع على بعض كتبهم لا يخفى عليه ذلك، فقد لا يكاد يخطئ مصنف من مصنفاتهم هذه المرويات.

و كتب الصالحين و سيرة العلماء هي المرتع الأول لهؤلاء، و التعصب العقدي و المذهبي دافع أساس لترويج هذه السلع. فتجدهم يشبدون بمرويات: تنطلق من متبوعهم الذي بقي أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء، و تصل إلى تأليه بعضهم و العياذ بالله.

و هنا أمر جلل: فالضعف الكبير و القصور الشديد في طلب العلم، و الجهل المنتشر في عموم الناس، يجعل جهود بعض المعاصرين في انتقاء الروايات، على قصور فيها، أمر يشكرون عليه، بل و يشجعون عليه، فقد سدوا ثغرة، و الله الموفق.

6 - النظر في الأسانيد و البحث فيها و المطالبة بها لا يختص بأحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فقط، بل نبه أهل العلم رحمة الله عليهم أن معرفة الصحيح من السقيم يكون أيضا في الروايات المنقولة عن الصحابة و التابعين رضوان الله عليهم. فالذين سولت لهم أنفسهم و تجاسروا على الكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم، على من دونه أجسر و أجرأ، فليتنبه.

قال الإمام بن مندة رحمه الله في " بيان فضل الأخبار و شرح مذاهب أهل الآثار " (29 - 30) و هو يفصل طوائف أهل العلم بحديث النبي صلى الله عليه و سلم فذكر منهم: (فطائفة منهم قصدت حفظ الأسانيد من الروايات عن رسول الله وأصحابه الذين ندب الله جل وعز إلى الأقتداء بهم فاشتغلت بتصحيح نقل الناقلين عنهم ومعرفة المسند من المتصل والمرسل من المنقطع والثابت من المعلول والعدل من المجروح والمصيب من المخطيء والزائد من الناقص فهؤلاء حفاظ العلم والدين النافون عنه تحريف غال وتدليس مدلس وانتحال مبطل وتأويل جاحد ومكيدة ملحد فهم الذين وصفهم الرسول ودعا لهم وأمرهم بالإبلاغ عنه فهذه الطائفة هم الذين استحقوا أن يقبل ما جوزوه وأن يرد ما جرحوه وإلى قولهم يرجع عند ادعاء من حرف وتدليس مدلس ومكيدة ملحد وكذلك إلى قولهم يرجع أهل القرآن في معرفة أسانيد القراءات والتفسير لمعرفتهم بمن حضر التنزيل من الصحابة ومن لحقهم من التابعين وقرأ عليهم وأخذ عنهم ولعلمهم بصحة الإسناد الثابت من السقيم والراوي العدل من المجروح والمتصل من المرسل.

وطائفة اشتغلت بحفظ اختلاف أقاويل الفقهاء في الحرام والحلال واقتصروا على ما ذكرت أئمة الأمصار من المتون عن رسول الله وعن الصحابة في كتبهم وقصروا عما سبقت إليه أهل المعرفة بالروايات وثابت الإسناد وأحوال أهل النقل من الجرح والتعديل فهم غير مستغنين عن أهل المعرفة بالآثار عند ذكر خبر عن الرسول أو الصحابة أو التابعين لهم بإحسان فيه حكم ليعرفوا صحة ذلك من سقمه وصوابه من خطئه) انتهى.

و نقل بن عبد البر في جامع بيان العلم (458) كلاما نفيسا: (و يلزم أصحاب الحديث أن يعرفوا الصحابة المؤدين للدين عن نبيهم صلى الله عليه و سلم و يعنى بسيرهم، و فالهم، و يعرف أحوال الناقلين عنهم و أيامهم و أخبارهم حتى يقف على العدول منهم و غير العدول، و هو أمر قريب كله على من اجتهد).

و قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: (و المنقول عن السلف و العلماء يحتاج إلى معرفة ثبوت لفظه و معرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله و رسوله). (نقلا عن الرد المفحم للعلامة الألباني).

و قال الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (240): (بل المستدل بحديث أو أثر عليه أن يبين صحته و دلالته على مطلوبه).

و قال العلامة محمد بن رشيد الفهري في كتابه الماتع " السنن الأبين و المورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن " و هو يناقش مسألة الإجازة (81): (وهذا كان دأب تلك الطبقة من الإجازة في المعين أو الكتبة له و ما أرى الإجازة المطلقة حدثت إلا بعد زمن البخاري حيث اشتهرت التصانيف وفهرست الفهارس وإن كان بعضهم قد نقل الإجازة المطلقة عن ابن شهاب الزهري وغيره فما أرى ذلك يصح والله الموفق. وإنما الذي صح عندنا بالإسناد الصحيح عن الزهري تسويغ ذلك في المعين) اهـ. ثم ساق إسناده إلى الزهري.

و قال العلامة أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله في " الإعتصام " (1/ 262): (ففي هذا الكلام إشارة إلى ما نحن فيه و أنه لا ينبغي أن ينقل حكم شرعي عن أحد من أهل العلم إلا بعد تحققه و تثبته، لأنه مخبر عن حكم الله، فإياكم و التساهل فإنه مظنة الخروج عن الطريق الواضح إلى السيئات).

7 - أجدد إقتراحي لأهمية الموضوع أن يجمع أحد الإخوة في المنتدى من طلبة العلم المتفوقين ما تفرق من مسائله و فصوله، على هيئة " الوورد " بعد تحريره و إعادة صياغته، ثم يعرض على الإخوة المشاركين للتنقيح و الإضافة، و لعله من المفيد أن يعرض بعد صياغت هالصياغة النهائية على بعض المشايخ و طلبة العلم،و الله المستعان.

أخوكم أبو حاتم المقري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير