1ـ أن رواية اثنين فصاعداً تنفي الجهالة على القول الصحيح وقد نص على ذلك ابن القيم (زاد المعاد ((5/ 38))، وذكره الإمام الدار قطني في سننه ((3/ 174)) عن أهل العلم.
2ـ أنه لم يأتي بما ينكر من حديثه فلا داعي لطرح حديثه بل طرح حديثه في هذه الحالة تحكم بغير دليل.
3ـ أن الإمامين الجليلين الجهبذين الخريتين البخاري ومسلماً قد خرجا في صحيحهما لمن كانت هذه صفته (وأيضاً مما يؤكد أن الراوي إّا روى عنه اثنان ولم يأت بما ينكر من حديثه أنه حجة (اتفاق الحديث على تصحيح حديث حميده بن عبيد بن رفاعة في حديث الهرة انظر عون المعبود ((1/ 140))
مثاله:
ـ (جعفر بن أبي ثور) الراوي عن جابر بن سمرة: (الوضوء من أكل لحوم الإبل) هذا الحديث أخرجه مسلم وتلقته الأمة بالقبول حتى قال ابن خزيمة: لا أعلم خلافاً بين العلماء في قبوله.
مع أن فيه جعفر بن أبي ثور لم يوثقه أحد إلا ابن حبان، ولكنه لكا لم يأتي بما ينكر من حديثه
وروى عنه اثنان فصاعداً قبل العلماء حديثه، وممن روى عنه: عثمان بن عبدالله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وسماك بن حرب.
(أبو سعيد مولى عبدالله بن عامر بن كريز) الراوي عن أبي هريرة حديث: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا … .. الحديث في مسلم).
أبو سعيد أخرج له مسلم في صحيحه مع العلم أنه لم يوثقه إلا ابن حبان ولكنه لم يرو عنه إلا الثقات ولم يأت بما ينكر.
احتمل العلماء حديثه وقد روى عنه داود بن قيس والعلاء بن عبدالرحمن ومحمد بن عجلان وغيرهم.
وفي الصحيحين من هذا الضرب شئ كثير جداً.
حتى قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزيادي: ((قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته.
قال الذهبي: يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة.
وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمت أن أحداً نص على توثيقهم، والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح)).
تمت والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا آخر ما أملاه شيخنا
أبو عبدالله
سليمان بن ناصر العلوان
بريدة ـ صباح الثلاثاء ـ
14/محرم / 1413هـ
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 08 - 02, 05:38 م]ـ
كان ابن حِبَّان مُتساهلاً في التعديل، ومتشدداً في الجرح! وكان يوثِّق المجهولين من القدماء الذين ذكرهم البخاري في تاريخه، وإن لم يعرف ما روى و عمن روى و من روى عنه. و لكن ابن حبان يشدد، و ربما تعنت فيمن وجد ما استنكره، و إن كان الرجل معروفاً مكثراً. وقد نقل ابن حجر في الميزان (1\ 14) عن ابن حبان ما يثبت عن نفسه هذا المنهج. ثم انتقده ابن حجر بقوة وبخاصة نظريته في تعديل المجاهيل برواية الثقات عنهم.
وابن حبان قد يتساهل في إدراج الراوي المجهول في كتاب الثقات. ولعله يقصد مجرد العدالة. ولكنه لا يطلق كلمة ثقة إلا على من هو جدير بها فعلاً. فتوثيقه قوي معتبر إن كان صريحاً. وهو متعنت في الجرح كما تجده في كتابه المجروحين. وكثيراً من الناس يخطئ فيقول وثقه ابن حبان، مع أن ابن حبان ذكره في كتابه الثقات ولم يوثقه. وقد ظهر لك الفرق الشاسع بين الاثنين. ولكن هذا الخطأ شاع كثيراً حتى صار هو الأصل.
و العجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء. قال المعلمي اليماني في "الأنوار الكاشفة" (ص68): «توثيق العِجْلي –وجدته بالاستقراء– كتوثيق ابن حبان تماماً أو أوسع». وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (7\ 633): «فالعجلي معروفٌ بالتساهل في التوثيق كابن حبان تماماً. فتوثيقه مردودٌ إذا خالف أقوال الأئمة الموثوق بنقدهم وجرحهم».
قال ابن عبد الهادي عن ابن حبان: «وقد وقع له مثل هذا التناقض والوهم في مواضع كثيرة. وقد ذكر أبو عمرو بن الصلاح أنه غلط الغلط الفاحش في تصرفه».
«ولو أخذنا في ذكر ما أخطأ فيه وتناقض، من ذكره الرجل الواحد في طبقتين متوهماً كونه رجلين، وجمعه بين ذكر الرجل في الكتابين كتاب الثقات وكتاب المجروحين، ونحو ذلك من الوهم والإيهام، لطال الخِطاب».
وقال: «وينبغي أن ينتبه لهذا، ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق».
«وطريقة ابن حبان في هذا (أي تعديل المجاهيل) قد عُرِفَ ضعفها. مع أنه قد ذكر في كتاب الثقات خلقاً كثيراً، ثم أعاد ذكرهم في المجروحين وبَيَّن ضعفهم. وذلك من تناقضه وغفلته، أو من تغير اجتهاده». قلت أيما كان السبب فهو دليلٌ على ضعف توثيقه.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال (1\ 441): «ابنُ حِبّان ربما جَرَح الثقة حتى كأنه لا يَدري ما يَخرج من رأسه!».
وقال الذهبي في ترجمة "محمد بن الفضل السَّدُوسي عارم" في الميزان (6\ 298): «وقال الدارقطني: "تغير بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديثٌ مُنكَرٌ، وهو ثقة". قلت (أي الذهبي): فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النَّسائي مثله. فأين هذا القول من قول ابن حبان الخَسَّاف المتهوِّر في عارم؟! فقال: "اختَلَط في آخر عمره وتغيّر، حتى كان لا يدري ما يُحدّثُ به. فوقع في حديثه المناكير الكثيرة. فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون. فإذا لم يُعلَم هذا من هذا، تُرِكَ الكل ولا يُحتجّ بشيءٍ منها". قلتُ (أي الذهبي): ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً. فأين ما زعم؟!».
وقال كذلك في السير (10\ 267): «فانظر قول أمير المؤمنين في الحديث أبي الحسن (الدارقطني). فأين هذا من قول ذاك الخَسَّاف المتفاصِح أبي حاتم ابن حبان في عارم؟!».
ولذلك فقول الذهبي «مُوثّق». قال الألباني في ضعيفته (1\ 637): «يشير بذلك إلى عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان ... لما عُرفَ من تساهله في توثيق المجاهيل».
¥