فائدة نفيسة، لكن ألا تظن أن فيها ما فيها؟ أولاً من جهة دقة القُدوري في النقل. وثانياً وهو المهم من جهة أن الدراقطني انتقد الصحيحين وضعف بعض ما فيهما. وهذا القول في ظاهره نفي لضعف أي حديث في مجتبى النسائي! أم أنكم ترون جواز تأويله بأنه على العموم؟
الأخ الكريم رمضان عوف
حبذا لو نقلت لنا اختيار الدكتور عمر وأسباب ترجيحه لذلك إن اختلفت عما سبق ذكره. وجزاك الله خيراً على جهدك.
ـ[رمضان عوف]ــــــــ[20 - 04 - 05, 02:33 م]ـ
المبحث الثاني
تحقيق مَنِ المُختِصرُ للكتاب، هل هو: النَّسائيّ نفسه، أو تلميذه ابن السنيّ؟
والذي عليه الجمهور من أهل العلم قديماً وحديثاًأن المجتبى من عمل: النسائيّ، فهو الذي اختصره من سننه الكبرى، وليس ابن السنّي فيه إلا روايته لها.
والأدلة على ذلك كثيرةٌ، منها:
1 - أن جميع الأدلة التي سبقت في مبحث نسبة الكتاب لمؤلفه النسائي هي أدلّة في هذا المبحث، لأنه إن ثبت الكتاب (المجتبى) له، ثبتَ أن يكون هو المُختصِرُ، لتلازم الأمرين.
2 - وقع التصريحُ من ابن السنّي نفسه أنه سمع المُجتبى من لفظ النسائي رحمه الله في غير موضع من المجتبى، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، قوله في أول كتاب الإيمان وشرائعه، باب ذكر أفضل الأعمال (8/ 93، ح 4985): حدّثنا أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب من لفظه.
وهذا في نظري من أقوى الأدلة، وذلك أن كتاب الإيمان وشرائعه من الكتب التي انفردت بها المجتبى، عن الكبرى، فكونه يقولُ: سمعتُ من لفظ النسائي، لا يحتملُ إلا أن يكون من عمل النسائي.
ومن ذلك أيضاً قول ابن السني في أول كتاب الصيد الذبائح (7/ 179، ح 4263): أخبرنا الإمام أبوعبدالرحمن النسائي بمصر قراءة عليه، وأنا أسمع، عن سويد بن نصر ....
3 - قد صرّح غير واحد من أهل العلم بأن المجتبى اختصار من النسائي رحمه الله، ومنهم:
أ- أبوعلي الغساني، فكان من كلامه: إنما هو من المجتبى في السنن المسندة لأبي عبدالرحمن النسائي، اختصره من كتابه الكبير. (فهرسة ابن خير ص:117).
ب- ابن الأثير، فقال: وهو يتحدث عن المجتبى: ... فصنع المجتبى، فهو المجتبى من السنن، ترك كلّ حديث أورده في السنن مما تكلم في إسناده .... (مقدمة جامع الأصول 1/ 197).
ج- ابن كثير، فمن قوله في ذلك: وجمع النسائي: السنن الكبرى، وانتخب منه ما هو أقلّ حجما منه بمرات، وقد وقع لي سماعها .. (البداية والنهاية 11/ 131).
4 - إن من ألّف في أطراف الأربعة، كابن عساكر، أو الستتة كالمزي أدخلا كلّ أحاديث المجتبى، والكبرى في أطراف الكتب الأربعة، أو الستة، مع أن في كل من الكتابين ما ليس في الكتاب الآخر من الكتب، والأبواب والأحاديث، وقد نسب الأئمة كابن عساكر، والمزي وغيرهما كل ذلك للإمام النسائي، فلو كانت المجتبى من عمل ابن السني لما جاز نسبتها للإمام النسائي كما هي العادة في مثل ذلك، وخير شاهد على هذا أن كتب سؤالات التلاميذ لشيوخهم نسبت للتلاميذ لا للشيوخ، مع أنّ جميع ما فيها بلفظه من الشيخ، ومع ذلك لم تنسب إليهم، فكيف يعقل إذاً أنْ ينسب المجتبى للنسائي إذا كانت من عمل ابن السنيّ.
وكذلك كلّ من ألف في رجال الستة كالمزي، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم أدخلوا في تهذيباتهم كل رجال المجتبى والكبرى مع أنّ في كلّ من الكتابين من الرواة من ليس لهم رواية في الكتاب الآخر، مع أن هؤلاء الأئمة اعتبروا رجال الكتابين جميعاً من رجال النسائي الذين روى لهم، وهذا يعني أنهم يرون أن الكتابين كليهما له.
5 - إن كل من وقع له سماع بالمجتبى من المشايخ انتهى بهم الإسناد إلى الإمام النسائي، وذاك دليلٌ على أن صاحب الكتاب هو النسائي، وإلا لتوقف إسنادهم عند ابن السني، إن كان هو المختصر لها.
ومنهم على سبيل المثال: ابن الأثير، فقد قال في مقدمة جامع الأصول: وأما كتاب النسائي فأخبرنا بجميعه ... إلى أن قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبوبكر محمد بن إسحاق بن السني قراءة عليه بالدينور، حدّثنا الإمام الحافظ أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي بكتاب السنن بجميعه ...
¥