تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"أجزاء الحديث وغيرها" وفي ومن محدد: "في هذه الأعصار"

وبكيفية معينة: "بمجرد اعتبار الأسانيد " مما يجعل إدراك الواقع الحديثي في عصر ابن الصلاح، والملابسات المحيطة به، والمستجدات التي طرأت وتأثرت بها نظم الرواية أداء وتحملا، له أكبر الأثر في فهم كلام هذا الإمام ... رغم كل هذا فقد حمل الإمام النووي وغيره من العلماء ـ وكثير ما هم ـ ما ذكره ابن الصلاح على إطلاق المنع من التصحيح على جميع أنواع الأحاديث مما أفضى بهم إلى الإعتراض عليه ورفض العمل بمقتضى رأيه، غير أن المتتبع لسياق كلام هذا الإمام، محاولا فهمه على ضوء النتائج التي تسفرها الدراسة حول الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقع الحديثي الذي عاشه المتأخرون ـ سوء من ناحية تلقي الأحاديث أم نشرهاـ يجد نفسه مضطرا إلى تصحيح رأي ابن الصلاح، ورفض الاعتراض عليه جملة وتفصيلا.

تحليل النص

فلقد وقع في كلامه ـ رحمه الله ـ بعض الأمور يتوقف فهمها على معرفة العادات التي استجدت في حلقات التحديث عند المتأخرين،ولا تتضح حقائقها إلا بعد الإحاطة بإدراك مناسبتها ودوافعها.

فمن هذه الأمور قوله: " من أجزاء الحديث وغيرها" وقوله " فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد "وقوله: " ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان. وقوله: " فآل الأمر إذاً في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم "وقوله: " وصار معظم المقصود بما يتداول من أسانيد، خارجا من ذلك إبقاء سلسلة الإسناد "

فما المقصود "بالأجزاء وغيرها "؟ وما معنى تعذر الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد؟ وكيف يتم له التعميم بقوله: " ما من إسناد من ذلك إلا ونجد فيه خللا يضر الصحة؟ وهل يقصد بقوله: " فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن " معرفة الصحيح والحسن في جميع الأحاديث أم في الأحاديث التي توجد في الأجزاء وغيرها؟

والإجابة على هذه التساؤلات تتوقف إلى حد كبير على ذكر بعض الأمور التاريخية، لها دور فعال في بلورتها.

مستجدات عصره وأثرها في معرفة الصحيح والحسن

إن المسيرة التاريخية للسنة النبوية يمكن تقسيمها إلى مرحلتين زمنيتين كبيرتين، لك منهما معاليمها وخصائصها المميزة: فأما الأولى فيمكن تسميتها " بمرحلة الرواية " وهي ممتدة من عصر الصحابة إلى نهاية القرن الخامس الهجري تقريباً، وأبرز خصائصها هي كون الأحاديث تتلقى فيها وتنقل بواسطة الأسانيد والرواية المباشرة.

فالإسناد في هذه المرحلة كان بمثابة العمود الفقري، عليه يتم الاعتماد في تلقي الأحاديث ونقلها. وأما المرحلة الثانية فيمكن تسميتها بـ" مرحلة بعد الرواية "، وفيها آلت ظاهرة الاعتماد على الأسانيد إلى التلاشي، لتبرز مكانها ظاهرة الاعتماد على الكتب والمدونات التي صنفها أصحاب المرحلة الأولى في أخذ الأحاديث ونقلها، وإن كان القرن السادس الهجري يمكن اعتباره فترة انعطاف وتحول من مرحلة إلى أخرى، إذ ظهر فيه من بعض الأئمة الاعتماد على الرواية على شاكلة الأولى بدل الاعتماد على الكتب.

وبينما كانت الكتب المصنفة في المرحلة الأولى تنقل الأحاديث بأسانيدها الخاصة، فإن جل الكتب التي ظهرت في المرحلة الثانية إنما تنقل الأحاديث بالاعتماد على المدونات التي ظهرت في المرحلة الأولى، وإن كانت أساليب النقل، وطرق الأخذ تختلف من كتاب إلى آخر.

فمسند الإمام أحمد ـ مثلا ـ وهو نموذج لكتب المرحلة الأولى، عمدته في نقل الأحاديث هي الإسناد والرواية المباشرة، ولذلك يقول فيه صاحبه: " حدثني فلان " إلى آخر الإسناد في كل حديث يذكره.

وأما كتاب تفسير ابن كثير ـ مثلا ـ وهو نموذج لكتب المرحلة الثانية، فإن عمدته في نقل الأحاديث هي الكتب المصنفة في عصر الرواية، ولذلك تراه يحكي عن أصحاب كتب المرحلة الأولى، ويقول: " قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا فلان " وهكذا ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير