تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واما ما كان من 3و4 جاز لنا النقاش فيه والترجيح وفق الادلة المعتبرة.

وأنقل البك بعض من كلامنا في احد بحوثنا:

:" فالمتقدمون قلما فاتهم حديث، وقلما تركوا حديثاً صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً ضعفاً مقبولاً إلاّ ودونوه في مصنفاتهم، بل وحتى الذين اشترطوا الصحة في حديثهم فإنه قلما يفوتهم الحديث الصحيح، يقول محمد بن يعقوب الأخرم: " قلما يفوت البخاري ومسلماً مما يثبت من الحديث " (1).

فإذا ترك البخاري أو مسلم حديثاً ما عليك إلا أن تتبع لماذا تركاه؟! وغالباً ما يكون معلولاً، وخاصة إذا لم يكن في الباب غيره، أو كان مشهوراً عندنا اليوم.

وبعبارة أخرى: المتقدمون سبروا المرويات، ودرسوا الأسانيد والمتون دراسة وافية شافية فعرفوا المقبول من المتروك، والصحيح من المكذوب، فدونوا مصنفاتهم بعد السبر ترك الحسن والضعيف المقبول، بل مفهوم الصحة عندهم أوسع مما عندنا،فالصحيح عندهم ما كان مقبولاً للعمل به.

وقد أخرجوا عن بعض الضعفاء ممن نسميهم اليوم ضعفاء أو قالوا هم فيهم ضعفاء ولكنهم أخرجوا لهم، وإخراجهم لهم لا يعني قبول حديثهم على إطلاقه، بل أخرجوا لهم انتقاءً مثلما أخرج البخاري لإسماعيل بن أبي أويس،وحسان بن حسان، والحسن بن بشر، والحسن بن ذكوان، وخالد بن مخلد القطواني، وسليم بن زرير، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة وغيرهم.

ومثلما أخرج مسلم لبعض هؤلاء فشارك شيخه وانفرد ببعض، كانتقائه من حديث إبراهيم بن المهاجر البجلي، وشريك القاضي، وعلي بن زيد بن جدعان، وعبد الله بن لهيعة،وغيرهم كثير (2).

ورغم ذلك انتقى الأئمة لهم ما صح من حديثهم وما قرنت منها بأحاديث الثقات.

وتخريج الشيخين لهؤلاء الضعفاء يعني استيعابها للطرق والمظان ولو صحت عندهم روايات غير هذه لما أثقلوا مصنفاتهم بتخريج طرق هؤلاء.

وهكذا نجد أن المتقدمين استوعبوا وغربلوا الطرق حتى صنفوا مصنفاتهم بناءاً على ذلك السبر وتلك المرويات،وتركوا آلافاً، بل مئات الآلاف من الطرق مما لم يصح أو لا يصلح لأن تسود به الصفحات.

يقول الشيخ العوني: " بل ما انقضى هذا القرن إلا والسنة جميعها مدونة، ولم يبق من الروايات الشفهية غير المدونة في المصنفات – بعد هذا العصر – شيء يذكر، إلا روايات الأفاكين،وأحاديث المختلقين، أو أخبار الواهمين المخلّطين " (3).إلا ما شاء الله تعالى.

فاستقرت الروايات وعُرفت التخريجات والمتون وجمعت السنة النبوية بشكلها الكامل في مصنفات الأئمة بشكل نهائي – تقريباً – انتهاءً بالإمام ابن خزيمة ت (311) هـ رحمه الله تعالى، أي في نهاية القرن الثالث، ولهذا عد الإمام الذهبي هذا القرن هو الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين –كما أسلفنا-.

ومما يدلل على هذا قول أبي عبد الله الحاكم:" فقد نبغ في عصرنا هذا جماعة يشترون الكتب فيحدثون بها وجماعة يكتبون سماعاتهم بخطوطهم في كتب عتيقة في الوقت فيحدثون بها فمن يسمع منهم من غير أهل الصنعة فمعذور بجهله فأما أهل الصنعة إذا سمعوا من أمثال هؤلاء بعد الخبرة ففيه جرحهم وإسقاطهم إلى أن تظهر توبتهم على أن الجاهل بالصنعة لا يعذر فإنه يلزمه السؤال عما لا يعرفه وعلى ذلك كان السلف رضي الله عنهم أجمعين " (4). هذا أحد أئمة القرن الرابع، وهو الإمام الحاكم النيسابوري ت 405 هـ نص على تخفف شروط العدالة والضبط لأهل زمانه، فلم يذكر في الضبط إلا ما يتعلق بضبط الكتاب، وقد أشار إلى هذه المسألة الإمام الرامهرمزي، في كتابه المحدث الفاصل (5).

ونبه الحافظ ابن الصلاح إلى هذه المسألة فقال:" وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي رحمه الله فإنه ذكر في ما روينا عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم، ولا يحسنون قراءته من كتبهم، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، ووجه ذلك: بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم، وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها، قال – يريد البيهقي -: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير